دَرَاهِمَ فَحَصَلَ مَعَهُ دَنَانِيرُ فَعَلَيْهِ بَيْعُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ حَتَّى يَحْصُلَ مَعَهُ رَأْسُ الْمَالِ إِذْ لَا فَرْقَ وَرَأْسُ الْمَالِ دَرَاهِمُ بَيْنَ أَنْ يكون المال عرضاً أو دنانيراً لِأَنَّهُمَا مَعًا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ.
فَلَوْ حَصَلَ فِي مَالِ الْقِرَاضِ مِنَ الدَّرَاهِمِ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ، وَكَانَ بَاقِيهِ مِنَ الرِّبْحِ عَرْضًا لَمْ يَلْزَمِ الْعَامِلَ بَيْعُهُ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَدْ وَصَلَ إِلَى رَأْسِ مَالِهِ، وَكَانَا شَرِيكَيْنِ فِي الرِّبْحِ مِنَ الْعَرْضِ، وَلَا يَلْزَمُ واحد مِنْهُمَا بَيْعُهُ إِلَّا بِالتَّرَاضِي عَلَيْهِ، وَكَانَ حُكْمُهُمَا فِي قِسْمَتِهِ عَلَى مَا يُوجِبُهُ حَالُ ذَلِكَ الْعَرْضِ مِنْ قِسْمَتِهِ جَبْرًا أَوْ صُلْحًا أَوِ الْبَيْعِ مِنْهُمَا جَبْرًا أَوْ صُلْحًا.
مَسْأَلَةٌ
قَالَ المزني رحمه الله تعالى: " وَإِذَا دَفَعَ مَالًا قِرَاضًا فِي مَرَضِهِ وَعَلَيْهِ ديونٌ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ أَنِ اشْتَرَى وَبَاعَ وَرَبِحَ أَخَذَ الْعَامِلُ رِبْحَهُ وَاقْتَسَمَ الْغُرَمَاءُ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. يَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يَدْفَعَ مَالًا قِرَاضًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَثْمِيرِ مَالِهِ، وَسَوَاءٌ قَارَضَ الْعَامِلُ عَلَى تَسَاوٍ فِي الرِّبْحِ أَوْ تَفَاضُلٍ، وَكَانَ أَقَلَّهُمَا سَهْمًا أَوْ أَكْثَرَ، وَيَكُونُ مَا يَصِلُ إِلَى الْعَامِلِ مِنْ كَثِيرِ الرِّبْحِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ دُونَ الثُّلُثِ لِأَنَّهُ بِيَسِيرِ الرِّبْحِ وَاصِلٌ إِلَى مَا لَمْ يَكُنْ وَاصِلًا إِلَيْهِ لَوْ كَفَّ عَنِ الْقِرَاضِ.
وَهَكَذَا الْخِلَافُ فِيمَنْ أَجَّرَ دَارًا بِأَقَلَّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ مَالِكًا لِلْمَنْفَعَةِ فَإِذَا عَاوَضَ عَلَيْهَا فِي مَرَضِهِ بِبَعْضِ الْأُجْرَةِ فَقَدْ أَتْلَفَ مِلْكَهُ، فَكَانَ مُعْتَبَرًا فِي الثُّلُثِ وَلَيْسَ رَبُّ الْمَالِ مَالِكًا لِرِبْحِ الْمَالِ الَّذِي صَارَ إِلَى بَعْضِهِ فَلِذَلِكَ كان من رأس المال والله أعلم.
فَأَمَّا الْمَرِيضُ إِذَا سَاقَى عَلَى نَخْلَةٍ فِي مَرَضِهِ بِأَقَلِّ السَّهْمَيْنِ مِنَ الثَّمَرَةِ وَدُونَ مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ فِي الْعَادَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَيْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلثَّمَرَةِ حِينَ سَاقَى كَمَا لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِلرِّبْحِ حِينَ قَارَضَ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ مَا نَقَصَ مِنْ سَهْمِهِ فِي مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ مُحَابَاةٌ يُعْتَبَرُ فِي الثُّلُثِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْقِرَاضِ أَنَّ ثَمَرَةَ النَّخْلِ فِي الْمُسَاقَاةِ قَدْ تَحْصُلُ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَرِبْحُ الْمَالِ فِي الْقِرَاضِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِعَمَلٍ.
فَصْلٌ
: فَإِذَا تَقَرَّرَ صِحَّةُ الْقِرَاضِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فِي قَلِيلِ الرِّبْحِ وَكَثِيرِهِ، تَوَلَّى رَبُّ الْمَالِ إِنْ كَانَ حَيًّا مُحَاسَبَةَ الْعَامِلِ، وَاسْتَوْفَى مِنْهُ الْأَصْلَ وَحِصَّةَ الرِّبْحِ، وَإِنْ مَاتَ قَامَ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فِي مُحَاسَبَةِ الْعَامِلِ، وَاسْتِيفَاءِ الْحَقَّيْنِ مِنْ أَصْلٍ وَرِبْحٍ.
فَإِنْ مَاتَ مُفْلِسًا وَكَثُرَتْ دُيُونُهُ عَنْ مَالِهِ قُدِّمَ الْعَامِلُ بِحِصَّتِهِ مِنْ رِبْحِ الْمَالِ عَلَى سائر