وقال أبو يوسف: لأب الْمَوْلَى سُدُسُ الْوَلَاءِ وَالْبَاقِي لِلِابْنِ كَالْمَالِ وَهَكَذَا الْجَدُّ وَإِنْ عَلَا يَجْعَلُونَ لَهُ مَعَ الِابْنِ سُدُسَ الْوَلَاءِ وَبِهِ قَالَ النَّخَعِيُّ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَأَحْمَدُ وإسحاق وهذا خطأ لأن الولاء مستحق لمجرد التَّعْصِيبِ وَتَعْصِيبُ الِابْنِ أَقْوَى مِنْ تَعْصِيبِ الْأَبِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَيْهِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِالْوَلَاءِ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْأَبْنَاءَ أَوْلَى بِالْوَلَاءِ مِنَ الْآبَاءِ فَهُوَ لِلذُّكُورِ مِنْهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ فَيَكُونُ لِابْنِ الْمَوْلَى دُونَ بِنْتِ الْمَوْلَى وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَقَالَ طَاوُسٌ: هُوَ بَيْنَ الِابْنِ وَالْبِنْتِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ كَالْمَالِ وَهَكَذَا قَالَ فِي الْأَخِ وَالْأُخْتِ يَرِثَانِ الْوَلَاءَ لِلذكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ وَحُكِيَ نَحْوُ هَذَا عَنْ شُرَيْحٍ وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ النِّسَاءَ إِذَا تَرَاخَى نَسَبُهُنَّ لَمْ يَرِثْنَ بِتَعْصِيبِ النَّسَبِ كَبَنَاتِ الْإِخْوَةِ وَبَنَاتِ الْأَعْمَامِ وَتَعْصِيبُ الْوَلَاءِ أَبْعَدُ مِنْ تَعْصِيبِ النَّسَبِ فكان بسقوط ميراث النساء أحق.
[فصل:]
فإذا لَمْ يَكُنِ ابْنَ مَوْلًى فَأَبُو الْمَوْلَى بَعْدَهُ أَحَقُّ بِالْوَلَاءِ مِنَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ لِإِدْلَائِهِمْ بِهِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا بَعْدَ الْأَبِ فِي مُسْتَحِقِّ الْوَلَاءِ فَقَالَ أبو حنيفة: الْجَدُّ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْإِخْوَةِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو ثَوْرٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ: الْإِخْوَةُ أَحَقُّ بِهِ مِنَ الْجَدِّ.
وَقَالَ أبو يوسف ومحمد: إِنَّهُ بَيْنَ الْجَدِّ وَالْأَخِ نِصْفَيْنِ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَلِلشَّافِعِيِّ فِيهِ قَوْلَانِ:
أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ لِلْإِخْوَةِ دُونَ الْجَدِّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ أَقْرَبُ إِلَى الْأَبِ مِنَ الْجَدِّ كَمَا أَنَّ ابْنَ الِابْنِ أَحَقُّ مِنَ الْأَبِ فَعَلَى هَذَا يُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ عَلَى الْأَخِ لِلْأَبِ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْأَخِ لِلْأُمِّ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْجَدَّ وَالْإِخْوَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَقَوْلِ أبي يوسف؛ لِأَنَّهُ يُقَاسِمُ الْإِخْوَةَ فِي الْمَالِ فَقَاسَمَهُمْ فِي الْوَلَاءِ فعَلَى هَذَا لَوْ نَقَصَتْهُ مُقَاسَمَةُ الْإِخْوَةِ مِنْ ثُلُثِ الْوَلَاءِ لَمْ يُفْرَضْ لَهُ الثُّلُثُ بِخِلَافِ الْمَالِ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَا يُسْتَحَقُّ بِالْفَرْضِ وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالتَّعْصِيبِ الْمَحْضِ.
فَلَوْ كَانُوا خَمْسَةَ إِخْوَةٍ وَجَدًّا كَانَ الْوَلَاءُ بَيْنَهُمْ أَسْدَاسًا عَلَى عَدَدِهِمْ لِلْجَدِّ منه السدس ولا يقاسم الجد الإخوة لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَالْأُمِّ بِخِلَافِ الْمَالِ ثم الإخوة مع أبي الجد وجد الجد وإن علا كلهم مع الجد الأخير فَأَمَّا بَنُو الْإِخْوَةِ وَالْجَدُّ فَعَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَنِي الْإِخْوَةِ أَحَقُّ بِالْوَلَاءِ مِنَ الْجَدِّ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَكَذَلِكَ بَنُوهُمْ وَإِنْ سَفَلُوا.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْجَدَّ أَوْلَى مِنْ بَنِي الإخوة، لقرب درجته، ولا يحجب اشتراك بني الإخوة مع الجد، وَيُقَدَّمُ مِنْ بَنِي الْإِخْوَةِ مَنْ كَانَ لِأَبٍ ولأم عَلَى مَنْ كَانَ لِأَبٍ، ثُمَّ بَنُوهُمْ وَبَنُو بَنِيهِمْ وَإِنْ سَفَلُوا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ يَتَقَدَّمُونَ عَلَى الْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ، وَيَتَقَدَّمُ الْجَدُّ بِالْوَلَاءِ عَلَى الْأَعْمَامِ لِأَنَّهُمْ بَنُوهُ فَأَمَّا أَبُو الْجَدِّ وَالْعَمِّ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقَاوِيلَ:
أَحَدُهَا: إِنَّ أَبَا الْجَدِّ أَوْلَى بِالْوَلَاءِ لِوِلَادَتِهِ.