لِأَنَّهُ فِي الْكِتَابَةِ الصَّحِيحَةِ كَالْحُرِّ فِي رَفْعِ يَدِ سَيِّدِهِ عَنْهُ وَفِي الْكِتَابَةِ الْفَاسِدَةِ كَالْعَبْدِ الْقِنِّ فِي تَصَرُّفِ سَيِّدِهِ فِيهِ.
فَصْلٌ:
فَأَمَّا الْمُدَبَّرُ فَهُوَ كَالْعَبْدِ الْقِنِّ فِي اللُّقَطَةِ وَأَمَّا أم الوالد فَكَالْعَبْدِ فِي اللُّقَطَةِ إِنْ أَخَذْتَهَا لِلسَّيِّدِ جَازَ وَإِنْ أَخَذْتَهَا لِنَفْسِهَا فَعَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ فَعَلَى هَذَا يَتَعَلَّقُ غُرْمُ اللُّقَطَةِ بِذِمَّتِهَا إِذَا أُعْتِقَتْ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي. لَا يَجُوزُ فَعَلَى هَذَا إِنْ لَمْ يَعْلَمِ السَّيِّدُ بِهَا فَهَلْ يَتَعَلَّقُ غُرْمُهَا بِذِمَّةِ أُمِّ الْوَلَدِ أَمْ بِرَقَبَتِهَا عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: بِذِمَّتِهَا وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ غُرْمُهَا. وَالثَّانِي: بِرَقَبَتِهَا وَعَلَى السَّيِّدِ غُرْمُهَا وَافْتِكَاكُ رَقَبَتِهَا كَمَا يَفْعَلُ فِي جَنَابَتِهَا وَإِنْ عَلِمَ السَّيِّدُ بِهَا فَعَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: فِي ذِمَّتِهَا بَعْدَ الْعِتْقِ. وَالثَّانِي: فِي رَقَبَتِهَا وَعَلَى السَّيِّدِ فكاكها بأقل الأمرين من قيمتها اللقطة أو قميتها. وَالثَّالِثُ: أَنَّهَا فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ يَغْرَمُهَا بِجَمِيعِ قيمتها.
[مسألة:]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَالْعَبْدُ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ عَبْدٌ فَإِنِ الْتَقَطَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ مُخَلَّى لِنَفْسِهِ أُقِرَّتْ فِي يَدِهِ وَكَانَتْ بَعْدَ السَّنَةِ لَهُ كَمَا لَوْ كَسَبَ فِيهِ مَالَا كَانَ لَهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْيَوْمِ الَذِي لِسَيِّدِهِ أَخَذَهَا مِنْهُ لِأَنَّ كَسْبَهُ فِيهِ لِسَيِّدِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي عَبْدٍ نِصْفُهُ حُرٌّ وَنِصْفُهُ مَمْلُوكٌ وَجَدَ لُقَطَةً فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُهَايَأَةً أَوْ غَيْرَ مُهَايَأَةٍ فَإِنْ كَانَ غير مهايأة فنصف أكسابه لَهُ بِحَقِّ حُرِّيَّتِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَنِصْفُ أَكْسَابِهِ لِسَيِّدِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ نَفَقَتِهِ وَإِذَا كَانَ هَكَذَا فَنِصْفُ اللُّقَطَةِ لَهُ بِمَا فِيهِ مِنَ الْحُرِّيَّةِ يُقِيمُ عَلَى تَعْرِيفِهِ وَيَتَمَلَّكُهُ بَعْدَ حَوْلِهِ وَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ فَهُوَ فِيهِ كَالْعَبْدِ فَإِنْ أَخَذَهُ لِسَيِّدِهِ جَازَ وَلَمْ يَضْمَنْهُ وَإِنْ أَخَذَهُ لِنَفْسِهِ فَعَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ وَلِلسَّيِّدِ أَخْذُ ذَلِكَ النِّصْفِ مِنْهُ دُونَ النِّصْفِ الَّذِي أخذه بحريته ثم يصيران شريكين فيما يُقِيمَانِ عَلَى تَعْرِيفِهَا وَيَتَمَلَّكَانِهَا بَعْدَ حَوْلِهَا وَإِنْ كَانَ مُهَايَأَةً وَالْمُهَايَأَةُ أَنْ يَكْتَسِبَ لِنَفْسِهِ يَوْمًا وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ وَلِسَيِّدِهِ يَوْمًا مِثْلَهُ وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهُ فَيَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ الْأَكْسَابُ الْمَأْلُوفَةُ وَهَلْ يَدْخُلُ فِيهَا مَا لَيْسَ بِمَأْلُوفٍ مِنَ الْأَكْسَابِ كَاللُّقَطَةِ والركاز أم عَلَى قَوْلَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: يَدْخُلُ فِيهَا وَهُوَ أَظْهَرُهُمَا لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنَ الْكَسْبِ فَعَلَى هَذَا إِنْ وَجَدَهَا فِي يَوْمِ نَفْسِهِ فَهُوَ فِيهِ كَالْحُرِّ يَجِبُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهَا وَيَجُوزُ لَهُ تَمَلُّكُهَا وَإِنْ وَجَدَهَا فِي يَوْمِ سَيِّدِهِ فَهُوَ فِيهَا كَالْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ جَمِيعِهِ فَإِنْ أَخَذَهَا لِسَيِّدِهِ جَازَ وَإِنْ أَخَذَهَا لِنَفْسِهِ فَعَلَى مَا مَضَى مِنَ الْقَوْلَيْنِ فَهَذَا حُكْمُ دُخُولِهَا فِي الْمُهَايَأَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي الْمُهَايَأَةِ وَلَا الْمَكَاسِبِ النَّادِرَةِ لِأَنَّهَا قَدْ تُوجَدُ فِي أَحَدِ الزَّمَانَيْنِ دُونَ الْآخَرِ فَيَصِيرُ أَحَدُهُمَا مُخْتَصًّا فِي زَمَانِهِ بِمَا لَا يُسَاوِيهِ الْآخَرُ فِي زَمَانِهِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ فِي اللُّقَطَةِ كَغَيْرِ الْمُهَايَأَةِ عَلَى مَا مَضَى وَهَكَذَا حُكْمُهُ لَوْ كَانَ أَقَلَّهُ الحر أو أكثر مَمْلُوكًا فَأَمَّا الْمَمْلُوكُ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا فِيهِ مُهَايَأَةٌ اشْتَرَكَا فِي قِيمَةِ اللُّقَطَةِ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا فِيهِ مُهَايَأَةٌ فَفِي دُخُولِ اللُّقَطَةِ فِي مُهَايَأَتِهِمَا قَوْلَانِ عَلَى مَا مضى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute