للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا تُدْفَعُ، إِلَى الْمُدَّعِي بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ يَمِينَهُ هِيَ يَمِينُ رَدٍّ بَعْدَ النُّكُولِ، وَلَمْ يُحْكَمْ بِنُكُولِ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، فَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي إِحْلَافَ صَاحِبِ الْيَدِ فَفِي إِجَابَتِهِ إِلَى إِحْلَافِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ إِنَّهُ لَا وَجْهَ لِإِيقَافِهِمَا عَلَى مَنْ لَا يَدَّعِيهَا، وَالْوَاجِبُ أَنْ يَحْلِفَ الْمُدَّعِي عَلَيْهَا، وَتُدْفَعُ إِلَيْهِ الدَّارُ بَعْدَ يَمِينِهِ فَإِنْ حَضَرَ مُدَّعٍ لَهَا بَعْدَ تَسْلِيمِهَا إِلَى الْأَوَّلِ بِيَمِينِهِ، وَنَازَعَهُ فِيهَا فَهَلْ يَكُونُ مُنَازِعًا فِيهَا لِذِي يَدٍ، أَوْ لِغَيْرِ ذِي يَدٍ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مُنَازِعًا لِذِي يَدٍ لِتَقَدُّمِ الْحُكْمِ بِهَا لَهُ، فَصَارَتْ يَدًا فَيَكُونُ الْقَوْلُ فِيهَا إِنْ أَنْكَرَ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَكُونُ مُنَازِعًا لِغَيْرِ ذِي يَدٍ، لِأَنَّها دُفِعَتْ إِلَيْهِ بِيَمِينٍ مِنْ غَيْرِ يَدٍ فَيَحْلِفَانِ عَلَيْهَا، وَتَكُونُ بَيْنَهُمَا كَالْمُتَدَاعِيَيْنِ لِمَا لَيْسَ فِي أَيْدِيهِمَا وَإِنْ رَجَعَ صَاحِبُ الْيَدِ عَنْ إِقْرَارِهِ حِينَ رَدَّ عَلَيْهِ وَادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ أَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ فَفِي قَبُولِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ، سواء ادعاها لنفسه، أو أقر بها لغيره، لِأَنَّ إِقْرَارَهُ الْأَوَّلَ قَدْ أَكْذَبَ الثَّانِي فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَمَا لَوْ أَقَامَ عَلَى إِقْرَارِهِ الْأَوَّلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْبَلُ مِنْهُ سَوَاءً ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ، أَوْ أَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ، لِأَنَّ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِإِقْرَارِهِ حَقٌّ لِمُعَيَّنٍ، فَعَلَى هَذَا إِنِ ادَّعَاهَا لِنَفْسِهِ، كَانَ هُوَ الْخَصْمُ فِيهَا وَإِنْ أَقَرَّ بِهَا لِغَيْرِهِ، انْتَقَلَتِ الْخُصُومَةُ إِلَيْهِ، وَكَانَتِ الْمُنَازَعَةُ مَعَ ذِي يَدٍ لِأَنَّه أَقَرَّ بها لَهُ ذُو يَدٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: يُقْبَلُ إِقْرَارُهُ بِهَا لِغَيْرِهِ، وَلَا يَقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَاهَا لِنَفْسِهِ لِأَنَّه مَتْهُومٌ فِي ادِّعَائِهَا لِنَفْسِهِ، وَغَيْرُ مَتْهُومٍ فِي الْإِقْرَارِ بِهَا لِغَيْرِهِ.

(فَصْلٌ)

: وَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْيَدِ قَدْ أَقَرَّ بِهَا فِي الِابْتِدَاءِ لِغَائِبٍ، لَمْ يَخْلُ حَالُ الْمُدَّعِي مِنْ أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا بَيِّنَةَ لَهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ كَانَ الْحُكْمُ مَوْقُوفًا عَلَى قُدُومِ الْغَائِبِ، وَالدَّارُ مُقَرَّةٌ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ، فَإِنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي إِحْلَافَ صَاحِبِ الْيَدِ، فَفِي إِجَابَتِهِ إِلَى إِحْلَافِهِ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ.

فَإِنْ قِيلَ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، انْقَطَعَتِ الْخُصُومَةُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى قُدُومِ الْغَائِبِ.

وَإِنْ قِيلَ: بِوُجُوبِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، فَفِي كَيْفِيَّةِ يَمِينِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَحْلِفُ أَنَّ الدَّارَ لِلْغَائِبِ فُلَانٍ، لِتَكُونَ يَمِينُهُ مُوَافَقَةٌ لِإِقْرَارِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَحْلِفُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لِهَذَا الْمُدَّعِي فِيهَا لِتَكَوُّنَ يَمِينُهُ مُعَارَضَةً لِلدَّعْوَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>