للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي كَلَامِهِمْ عَوْدُ الِاسْتِثْنَاءِ إِلَى مَا تَعَقَّبَهُ، وَهُوَ قَوْلُ الْفَرَزْدَقِ فِي مَدْحِ هِشَامِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُغِيرَةِ خَالِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ.

(وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إِلَّا مُمَلَّكًا ... أبو أمه حي أبو يقاربه)

فقد الِاسْتِثْنَاءَ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، فَكَانَ التَّقْدِيرُ وَمَا مثله في الناس حتى يُقَارِبُهُ إِلَّا مُمَلَّكًا أَبُو أَمِّ ذَلِكَ الْمُمَلَّكِ، أَبُو هَذَا الْمَمْدُوحِ.

قِيلَ: هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ إِنَّمَا قُدِّمَ فِي ضَرُورَةِ الشِّعْرِ، فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ، مَا زَالَتِ الضَّرُورَةُ عَنْهُ وَاللَّهُ أعلم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: (وَلَوْ قَالَ كُلَّمَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً فَوَلَدَتْ ثَلَاثًا فِي بَطْنٍ طُلِّقَتْ بِالْأَوَّلِ وَاحِدَةً وَبِالثَّانِي أُخْرَى وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالثَّالِثِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: كُلَّمَا وَلَدْتِ وَلَدًا فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَإِنْ وَلَدَتْ وَلَدًا وَاحِدًا طُلِّقَتْ وَاحِدَةً، وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَسَوَاءٌ وَضَعَتْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا، كَامِلَ الْخَلْقِ أَوْ نَاقِصًا، فَأَمَّا إِنْ وَضَعَتْ يَدًا أَوْ رِجْلًا لَمْ تُطَلَّقْ، لِأَنَّهُ بَعْضُ وَلَدٍ وَلَيْسَ بِوَلَدٍ وَتَصِيرُ بِهِ لَوْ كَانَتْ أُمَّهُ أَمَّ وَلَدٍ، وَلِأَنَّهَا قَدْ عَلِقَتْ مِنْهُ بِوَلَدٍ.

وَإِنْ وَضَعَتْ وَلَدَيْنِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَلِدَهُمَا مَعًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ، لَا يَسْبِقُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لِكَوْنِهِمَا فِي مَشِيمَةٍ وَاحِدَةٍ، فَتُطَلَّقُ بِهِمَا طَلْقَتَيْنِ، لِأَنَّ كُلَّمَا مَوْضُوعَةٌ لِلتَّكْرَارِ. وَقَدْ تَكَرَّرَتْ صِفَةُ الطَّلَاقِ، فَوَجَبَ أَنْ يَتَكَرَّرَ بِهَا وُقُوعُ الطَّلَاقِ، وَعَلَيْهَا بَعْدَ التَّطْلِيقَتَيْنِ أَنْ تَعْتَدَّ بِالْأَقْرَاءِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَضَعَهُمَا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ رَاجَعَهَا بَعْدَ الْأَوَّلِ، فَتُطَلَّقُ بِالثَّانِي ثَانِيَةً وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالْأَقْرَاءِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ قَدْ رَاجَعَهَا فَتُطَلَّقُ بِالْأَوَّلِ وَاحِدَةً، وَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا بِالثَّانِي وَلَا تُطَلَّقُ بِهِ، لِأَنَّ مَا انْقَضَتْ بِهِ الْعُدَّةُ لم ويقع بِهِ الطَّلَاقُ، وَإِنَّمَا انْقَضَتْ بِهِ الْعُدَّةُ، لِأَنَّهَا بِوُقُوعِ الطَّلْقَةِ الْأُولَى بِالْوَلَدِ الْأَوَّلِ مُعْتَدَّةٌ، وَالْمُعْتَدَّةُ إِذَا وَضَعَتْ حَمْلَهَا بَانَتْ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ بِهِ الطَّلَاقُ إِذَا انْقَضَتْ بِهِ الْعِدَّةُ، لِأَنَّهَا قَدْ بَانَتْ بِوَضْعِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>