للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ تَعَدِّيًا فِي حَقِّهِ وَكَانَ افْتِيَاتًا فِي حَقِّ الْإِمَامِ لِمُدَاخَلَتِهِ فِي سُلْطَانِهِ.

(فَصْلٌ)

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ تُقْطَعَ أُذُنُهُ إِلَى نِصْفِهَا ثُمَّ يَتْرُكُهَا فَيُلْصِقُهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِدَمِهَا فَتَلْتَحِمُ وَتَنْدَمِلُ فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْجَانِي لِأَمْرَيْنِ: أَحَدُهُمَا: عَدَمُ الْإِبَانَةِ.

وَالثَّانِي: إِقْرَارُهَا مُنْدَمِلَةً وَتُؤْخَذُ مِنْهُ حُكُومَةُ مَا حَدَثَ مِنَ الشَّيْنِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ فَلَوْ جَنَى عَلَيْهَا آخَرُ فَقَطَعَهَا إِلَى آخِرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي قَطَعَهَا الْأَوَّلُ أَخَذَ بِحُكُومَتِهَا دُونَ الْقَوَدِ كَالْأَوَّلِ، وَلَوْ أَبَانَهَا اقْتُصَّ مِنْهُ بِهَا، فَلَوْ بَلَغَ الْقِصَاصُ إِلَى نِصْفِ أُذُنِ الْقَاطِعِ فَأَلْصَقَهَا بِدَمِهَا أُعِيدَ قَطْعُهَا مِنْهُ قَوَدًا، لِأَنَّهَا مُقَرَّةٌ فِي غَيْرِ الْقِصَاصِ فَوَجَبَ أَنْ تُؤْخَذَ فِي الْقِصَاصِ.

فَصْلٌ: وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ تُقْطَعَ أُذُنُهُ وَتَتَعَلَّقَ بِالْجِلْدِ فَلَا تَنْفَصِلُ مِنْهُ، فَإِنْ أَعَادَهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَالْتَصَقَتْ أُقِرَّتْ، لِأَنَّهَا إِذَا لَمْ تَنْفَصِلْ فَهِيَ طَاهِرَةٌ لِبَقَاءِ الْحَيَاةِ فِيهَا، وَإِذَا أُقِرَّتْ بَعْدَ الِالْتِحَامِ فَلَا قِصَاصَ فِيهَا، وَفِيهَا حُكُومَةٌ بِقَدْرِ الشَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ تَلْتَحِمْ وَجَبَ الْقِصَاصُ فِيهَا فَيُقْتَصُّ مِنْ أُذُنِ الْجَانِي حَتَّى تَتَعَلَّقَ بِجِلْدَتِهَا، وَلَا يَقْطَعُ الْجِلْدَةَ كَمَا لَمْ يَقْطَعْهَا، لِأَنَّ غَضَارِيفَ الْأُذُنِ مَحْدُودَةٌ فَجَرَى الْقِصَاصُ فِيهَا مَعَ بَقَاءِ الْجِلْدِ الْمُغَشِّي لَهَا كَمَا يُقْتَصُّ مِنَ المُوضِحَةِ لِانْتِهَائِهَا إِلَى الْعَظْمِ كَذَلِكَ يُقْتَصُّ مِنْ غُضْرُوفِ الْأُذُنِ لِانْتِهَائِهِ إلى اللحم، فإذا اقتضى مِنْهَا وَأَعَادَهَا الْجَانِي فَأَلْصَقَهَا حَتَّى الْتَحَمَتْ أُعِيدَ قَطْعُهَا ثَانِيَةً، لِأَنَّ حَقَّهُ فِي بَقَائِهَا بَائِنَةً كَمَا بَقِيَتْ أُذُنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَائِنَةً.

(مَسْأَلَةٌ)

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيُقَادُ بِذَكَرِ رَجُلٍ شَيْخٍ وَخَصِيٍّ وَصَبِيٍّ وَالَّذِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ كَانَ الذَّكَرُ يَنْتَشِرُ أَوْ لَا يَنْتَشِرُ مَا لَمْ يَكُنْ بِهِ شَلَلٌ يمنعه من أن ينقبض أو ينسبط ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: الْقِصَاصُ فِي الذَّكَرِ وَاجِبٌ، لِأَنَّهُ عُضْوٌ لَهُ حَدٌّ وَغَايَةٌ، فَإِذَا اسْتَوْعَبَهُ مِنْ أَصْلِ الْقَضِيبِ اقْتُصَّ مِنْهُ، وَيُؤْخَذُ الطَّوِيلُ بِالْقَصِيرِ، وَالْغَلِيظُ بِالدَّقِيقِ، وَذَكَرُ الشَّابِّ بِذَكَرِ الشَّيْخِ، وَذَكَرُ الَّذِي يَأْتِي النِّسَاءَ بِذَكَرِ الْعَنِّينِ، وَالذَّكَرُ الَّذِي يَنْتَشِرُ بِالَّذِي لَا يَنْتَشِرُ مَا لَمْ يَكُنْ بِهِ شَلَلٌ، وَذَكَرُ الْفَحْلِ بِذَكَرِ الْخَصِيِّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: لَا أَقْتَصُّ مِنْ ذَكَرِ الفحل [بذكر الخصي، ولا الذكر المنتشر بغير المنتشر لنقصهما وقلة النفع بهما، فلم يقتص من كامل بناقص، وهذا فاسد] ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ) [النحل: ١٢٦]

<<  <  ج: ص:  >  >>