أَخَذَهُ بِمِثْلِهِ جِنْسًا، وَصِفَةً، وَقَدْرًا، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ كَالْعَبْدِ، أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ فِي أَقَلِّ الْأَحْوَالِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ تَسْلِيمِ الْمُشْتَرِي لَهُ إِلَى الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إِذَا زَادَ فَالزِّيَادَةُ حَادِثَةٌ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ لَمْ يَتَنَاوَلْهَا الْعَقْدُ وَإِنْ نَقَصَ فَالنُّقْصَانُ مَضْمُونٌ عَلَى الْمُشْتَرِي فَخَرَجَ مِنَ الْعَقْدِ.
فَصْلٌ
: وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَدَفَعَهَا الْمُشْتَرِي إِلَى الْبَائِعِ فَوَجَدَهَا الْبَائِعُ زُيُوفًا فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُسَامِحَ وَبَيْنَ أَنْ يُبْدِلَهَا، فَإِنْ رَضِيَ بِهَا فَلِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ جِيَادًا.
وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَبْدًا فَاعْوَرَّ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَرَدِّ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الرِّضَا بِالْعَوَرِ وَإِمْضَاءِ الْبَيْعِ فَإِنْ رَضِيَ بِالْعَوَرِ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ أَعْوَرَ وَقَالَ أبو حنيفة: يَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ سَلِيمًا كَمَا يَأْخُذُهُ بِمِثْلِ الْأَلْفِ جِيَادًا لِأَنَّهُ لَيْسَ الرِّضَا بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ خَطَأً فِي الثَّمَنِ. وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِعَيْنِهِ رِضًا منه بأنه هو الثمن بعينيه، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالْأَلْفِ: أَنَّ عَوَرَ الْعَبْدِ لما أحدث له خياراً، أَثَّرَ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، وَإِذَا اسْتَخَفَّ بِهَا أَخَذَ بَدَلَهَا فَصَارَ الْجَيِّدُ ثَمَنًا لَهُ.
: وَإِذَا اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِمِائَةِ دِينَارٍ ثُمَّ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا نَقَصَهُ عُشْرَ الثَّمَنِ فَصَالَحَهُ الْبَائِعُ مِنَ الْعَيْبِ عَلَى جَارِيَةٍ، ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَلَهُ أَخْذُ الشِّقْصِ بِتِسْعِينَ دِينَارًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدِ اسْتَرْجَعَ مِنَ الْمِائَةِ عَشْرَ دَنَانِيرَ فَإِنْ دَفَعَ الْبَائِعُ إِلَى الْمُشْتَرِي الْعَشَرَةَ الَّتِي هِيَ أَرْشُ الْعَيْبِ فَقَدْ وَصَلَ إِلَى حَقِّهِ مِنْ تَمَامِ الثَّمَنِ وَلَا مُطَالَبَةَ بَيْنِهِ وَبَيْنَ الشَّفِيعِ وَإِنِ امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ دَفْعِهَا وَلَمْ يَرْضَ إِلَّا بِرَدِّ الْمَبِيعِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بَذْلِ الْأَرْشِ، وَقِيلَ لِلشَّفِيعِ: إِنْ دَفَعْتَ إلى المشتري عشرة دنانير يستكمل بِهَا الْمِائَةَ الَّتِي دَفَعَهَا ثَمَنًا حَقَّتْ لَكَ الشُّفْعَةُ، وَإِنِ امْتَنَعْتَ لَمْ تُجْبَرْ عَلَى دَفْعِهَا وَلَزِمَكَ رَدُّ الشِّقْصِ عَلَى الْمُشْتَرِي وَاسْتِرْجَاعُ التِّسْعِينَ الَّتِي دَفَعْتَهَا، فَإِذَا عَادَ الشِّقْصُ إِلَى الْمُشْتَرِي كَانَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَعِيبًا بِالْمِائَةِ كُلِّهَا وَبَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ.
فَإِنْ رَضِيَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالْمِائَةِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ إِنْ عَادَ مُطَالِبًا بِهَا، لِأَنَّهَا قَدْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ فَرَدَّهَا، فَلَوْ أَنَّ الشَّفِيعَ أَنْكَرَ تَقَدُّمَ الْعَيْبِ وَتَصَادَقَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الشَّفِيعِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْبَتِّ، وَلَا يُصَدَّقَانِ فِي الِازْدِيَادِ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ الشَّفِيعُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَدْرِكُ لِنَقْصِ الْعَيْبِ فَإِنْ حَلَفَ كَانَ الشَّفِيعُ مُخَيَّرًا بَيْنَ الْعَشَرَةِ دَرَاهِمَ تَكْمِلَةِ الْمِائَةِ أَوِ الرَّدِّ.
: وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ فِي مَرَضِهِ شِقْصًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَهُوَ يُسَاوِي ثَلَاثَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ إِلَّا أَنَّهُ حَابَاهُ فِي ثَمَنِهِ بِأَلْفَيْ درهم فللمشتري وللشفيع ثلاثة أحوال:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute