للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَرَاغِهِ، فَهَلْ يَتَدَاخَلُ السَّهْوَانِ أَمْ يَلْزَمُ لِكُلِّ سَهْوٍ مِنْهُمَا سَجْدَتَانِ، عَلَى وَجْهَيْنِ مَضَيَا أَصَحُّهُمَا قَدْ تَدَاخَلَا وَعَلَيْهِ لَهُمَا سَجْدَتَانِ لَا غَيْرَ.

والثاني: يسجد لكل سهو منهما سجدتين لِاخْتِلَافِ مُوجِبِهِمَا، فَهَذَا حُكْمُ سَهْوِ الطَّائِفَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا سَهْوُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الْأُولَى قَبْلَ فِرَاقِ الْإِمَامِ فَلَا سُجُودَ عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ خَلْفَ إِمَامٍ، وَإِنْ كَانَ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ فِرَاقِ الْإِمَامِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَمَا عَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا سُجُودَ عليهم. وإن سها الإمام لزمهم لِأَنَّهُمْ مُقِيمُونَ عَلَى الِائْتِمَامِ وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بن خيران: " عليهم السجود لسهوهم ". وَهَذَا خَطَأٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إِقَامَتِهِمْ عَلَى الاتهام به.

[(مسألة)]

: قال الشافعي رضي الله عنه: وَإِنْ كَانَ خَوْفًا أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ الْمُسَايَفَةُ وَالْتِحَامُ الْقِتَالِ وَمُطَارَدَةُ الْعَدُوِّ حَتَّى يَخَافُوا إن ولوا أن يركبوا أكتافهم فتكون هزيمتهم فيصلوا كيف أمكنهم مستقبلي القبلة وغير مستقبليها وقعودا على دوابهم وقياما في الأرض على أقدامهم يؤمنون برءوسهم واحتج بقول الله عز وجل {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا} (البقرة: ٢٣٩) وقال ابْنُ عُمَرَ مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا قَالَ نَافِعٌ لَا أَرَى ابن عمر ذكر ذَلِكَ إِلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ".

قال الماوردي: وهو كَمَا قَالَ: وَالْخَوْفُ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً عَلَى مَا وَصَفْنَا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَا يُمْكِنُ مَعَهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً لِشِدَّةِ الْخَوْفِ وَمُطَارَدَةِ الْعَدُوِّ وَالْتِحَامِ الْقِتَالِ وَالْمُسَايَفَةِ وَالْتِقَاءِ الصَّفَّيْنِ وَاخْتِلَاطِ الْعَسْكَرَيْنِ فَلَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا كَيْفَ أَمْكَنَهُمْ قِيَامًا وَقُعُودًا أَوْ رُكْبَانًا وَنُزُولًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهِمْ وَبِهِ قَالَ كَافَّةُ الْفُقَهَاءِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: إِنْ لَمْ يَقْدِرُوا عَلَى اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ أَخَّرُوا الصَّلَاةَ إِلَى وَقْتِ قُدْرَتِهِمْ عَلَى اسْتِقْبَالِهَا لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَخَّرَ الصَّلَاةَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ حَتَّى أَمِنَ ثُمَّ قَضَى.

وَدَلِيلُنَا قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا) {البقرة: ٢٣٩) قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَعْنَاهُ " مُسْتَقْبِلُو الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا " قَالَ نَافِعٌ: لَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، وَقَدْ رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فكان ذلك قضاء مَرْوِيًّا، وَلِأَنَّ شِدَّةَ الْخَوْفِ عُذْرٌ يُغَيِّرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>