الْبَيْعِ تَبَعًا لَهَا وَيَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّرْعِ فِي الْأَرْضِ أَنَّ الزَّرْعَ مُودَعٌ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ بِحَادِثٍ مِنْ خِلْقَةِ الْأَصْلِ فَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْبَائِعُ كَمَا لَا يَدْخُلُ فِي البيع والثمرة الحادثة حادثة من خلقة الأصل يرجع بِهَا الْبَائِعُ كَمَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: رَوَاهُ الرَّبِيعُ: أنَّ الثَّمَرَةَ لِلْمُفْلِسِ لَا حَقَّ لِلْبَائِعِ فِيهَا وَيَرْجِعُ بِالنَّخْلِ دُونَهَا لِأَنَّ: الْبَائِعَ يَسْتَرْجِعُ الْمَبِيعَ جَبْرًا فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ إِلَّا بِعَيْنِ مَالِهِ الَّذِي يَتَنَاوَلُهُ عَقْدُهُ، وَفَارَقَ ذَلِكَ حَالَ الْمَبِيعِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ عَنْ مُرَاضَاةٍ فَجَازَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ تَوَابِعُ الْمَبِيعِ وَهَذَا عَنْ إِكْرَاهٍ فَلَمْ يَتَوَجَّهْ إِلَّا إِلَى مَا تَضَمَّنَهُ الْعَقْدُ.
وَالثَّانِي: أَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ لَمَّا كَانَ يَقْدِرُ الْبَائِعُ فِيهِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الثَّمَرَةِ لَفْظًا دَخَلَتْ فِيهِ الثَّمَرَةُ إِطْلَاقًا وَلَيْسَ يُقَدَّرُ فِي فَلَسِ الْمُشْتَرِي عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ فَافْتَرَقَا فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهَا لِلْمُفْلِسِ لَا يَرْجِعُ بِهَا الْبَائِعُ وَجَبَ عَلَى الْبَائِعِ تَرْكُهَا عَلَى النَّخْلِ إِلَى أَوَانِ الجذاذ.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِنْ أَرَادَ الْغُرَمَاءُ بَيْعَ الثَّمَرِ قَبْلَ الْجُذَاذِ وَالزَّرْعِ بَقْلًا فَذَلِكَ لَهُمْ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا رَجَعَ الْبَائِعُ بِعَيْنِ مَالِهِ مِنَ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ فَصَارَتِ الثَّمَرَةُ وَالزَّرْعُ لِلْمُفْلِسِ فَلَهُ وَلِغُرَمَائِهِ أَرْبَعَةُ أحوال:
أحدهما: أَنْ يَتَّفِقُوا جَمِيعًا عَلَى تَرْكِ الثَّمَرَةِ إِلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ وَالزَّرْعِ إِلَى أَوَانِ الْحَصَادِ فَذَلِكَ لَهُمْ وَعَلَى الْبَائِعِ تَرْكُ ذَلِكَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ عَلَى مَا مَضَى.
وَالْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقُوا جَمِيعًا عَلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ فِي الْحَالِ بُسْرًا أَخْضَرَ وَبَيْعِ الزَّرْعِ فِي الْحَالِ بَقْلًا أَخْضَرَ فَذَلِكَ لَهُمْ لِيَتَعَجَّلُوا الْحَقَّ وَيَأْمَنُوا الْخَطَرَ.
وَالْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَدْعُوا الْغُرَمَاءَ إِلَى تَرْكِهَا إِلَى وقت الجذاذ والحصاد ليتوفر عليهم ثمنها ويدعو الْمُفْلِسَ إِلَى بَيْعِهَا فِي الْحَالِ لِيُأْمَنَ خَطَرُهَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُفْلِسِ وَتُبَاعُ فِي الْحَالِ لِأَنَّ ذِمَّتَهُ مُرْتَهِنَةٌ بِدَيْنِهِ وَلَا يُأْمَنُ تَلَفُ الثَّمَرَةِ وبقاء الدين.
والحال الرابع: أن يدعوا الْمُفْلِسُ إِلَى تَرْكِهَا إِلَى وَقْتِ الْجُذَاذِ وَالْحَصَادِ لِيَزِيدَ ثَمَنُهَا فَيَخِفَّ دَيْنُهُ وَيَدْعُوَ الْغُرَمَاءُ إِلَى بَيْعِهَا فِي الْحَالِ لِيَتَعَجَّلُوا حُقُوقَهُمْ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْغُرَمَاءِ وَتُبَاعُ فِي الْحَالِ، لِأَنَّ حُقُوقَهُمْ مُعَجَّلَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُمْ تَأْخِيرُهَا وَهَكَذَا لَوْ رَضِيَ أَكْثَرُ الْغُرَمَاءِ وَالْمُفْلِسُ بِتَرْكِهَا وَكَرِهَ أَقَلُّهُمْ وَطَلَبُوا تَعْجِيلَ بَيْعِهَا كَانَ الْقَوْلُ فِيهَا قَوْلَ مَنْ دَعَا إِلَى تَعْجِيلِ الْبَيْعِ. وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا لِأَنَّهُ لا يلزمه تأخير حقه برضى غيره.