للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُسْتَحَقٌّ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَقْدِ الْإِجَارَةِ فَجَرَى مجرى من تقدم حقه من الغرماء. وهو أن الْوَجْهَيْنِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ تَخْرِيجُهُمَا مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِيمَا مَلَكَهُ الْمُسْتَأْجِرُ مِنَ الْأُجْرَةِ هَلْ يَكُونُ مِلْكًا مُسْتَقِرًّا أَوْ مُرَاعَاةً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَكْرَاهُ سَنَةً وَلَمْ يَقْبِضِ الْكِرَاءَ ثُمَّ فلس المكتري كان للمكري فسخ الكراء ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إِذَا فَلَسَ مُسْتَأْجِرُ الْأَرْضِ وَكَانَ مُسْتَأْجِرُ الدَّارِ مِثْلَهُ. فَإِذَا اسْتَأْجَرَ دَارًا سَنَةً ثُمَّ فَلَسَ لَمْ يَخْلُ حَالُ الْأُجْرَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أحوال:

أحدهما: أَنْ يَكُونَ أُقْبِضَ جَمِيعُهَا فَلَا خِيَارَ لِلْمُؤَاجِرِ لِاسْتِيفَاءِ حَقِّهِ كَمَا لَا خِيَارَ لِلْبَائِعِ إِذَا قَبَضَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَالْوَاجِبُ أَنْ يُؤَاجِرَ الدَّارَ مَا بَقِيَ مِنْ مُدَّةِ إِجَارَتِهَا فَتَكُونَ الْأُجْرَةُ مَوْقُوفَةً لِتَمْضِيَ الْمُدَّةُ سَلِيمَةً خَوْفًا مِنَ اسْتِحْقَاقِ اسْتِرْجَاعِهَا بِانْهِدَامِ الدَّارِ قَبِلَ تَقَضِّي إِجَارَتِهَا. فَإِذَا مَضَتِ الْمُدَّةُ سَلِيمَةً قُسِّمَتِ الْأُجْرَةُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الغرماء

والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ تَكُونَ الْأُجْرَةُ بِكَمَالِهَا بَاقِيَةً عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَلِلْمُؤَاجَرِ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَاسْتِرْجَاعِ الدَّارِ الْمُؤَاجَرَةِ بِجَمِيعِ الْأُجْرَةِ أَوِ الْمَقَامِ عَلَيْهَا وَمُسَاهَمَةِ الْغُرَمَاءِ بِأُجْرَتِهَا فَإِنْ أَقَامَ عَلَى الْإِجَارَةِ وَجَبَ إِجَارَةُ الدَّارِ مَا يَبْقَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَقَسَّمَ أَجْرَتَهَا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ بَيْنَ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ وَيَكُونُ الْمُؤَاجَرُ أُسْوَتَهُمْ فَإِنْ قِيلَ هَلَّا اخْتَصَّ الْمُؤَاجَرُ بِجَمِيعِ هَذِهِ الْأُجْرَةِ لِأَنَّهَا عَيْنُ مَالِهِ؟ قِيلَ لَيْسَتِ الْأُجْرَةُ عَيْنَ مَالِهِ وَإِنَّمَا الْمَنْفَعَةُ عَيْنُ مَالِهِ وَالْأُجْرَةُ بَدَلٌ مِنْهَا فَصَارَ بِمَثَابَةِ بَائِعِ السِّلْعَةِ إِذَا اخْتَارَ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ فَإِذَا بِيعَتِ السِّلْعَةُ لَمْ يَخْتَصَّ الْبَائِعُ بِثَمَنِهَا بَلْ كَانَ فِيهِ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّهُ بدن مِنْ عَيْنِ مَالِهِ كَذَلِكَ الْأُجْرَةُ

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَأْجِرُ قَدْ أَقْبَضَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَلَا فَسْخَ لِلْمُؤَاجَرِ فِيمَا قَبَضَ أُجْرَتَهُ مِنَ الْمُدَّةِ وَعَلَيْهِ الْمَقَامُ إِلَى انْقِضَائِهَا وَلَهُ الْفَسْخُ فِيمَا لَمْ يَقْبِضْ أُجْرَتَهُ مِنَ الْمُدَّةِ فَإِنِ اخْتَارَ الْفَسْخَ اسْتَرْجَعَ الدَّارَ بَعْدَ انْقِضَاءِ مَا قَابَلَ الْمَقْبُوضَ مِنَ الْمُدَّةِ بِمَا بَقِيَ مِنَ الْأُجْرَةِ فَإِنِ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ أَقَامَ عَلَى الْإِجَارَةِ إِلَى انْقِضَاءِ مُدَّتِهَا وَضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِبَاقِي الْأُجْرَةِ وَوَجَبَ إِجَارَةُ الدَّارِ بِمَا بَقِيَ مِنَ الْمُدَّةِ لِنقسمَ الْأُجْرَة بَيْنَ غُرَمَاءَ الْمُفْلِسِ عِنْدَ انْقِضَاءِ تِلْكَ الْمُدَّةِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَسَّمَ الْحَاكِمُ مَالَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ ثَمَّ قَدِمَ آخَرُونَ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ بِالْحِصَصِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>