وَدَلِيلُنَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه أعر فرساً لأبي طلحة الأنصاري وأجرأه ثُمَّ قَالَ إِنَّنَا وَجَدْنَاهُ بَحْرًا " وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَرَسَ إِذَا جَرَى عَرِقَ لَا سِيَّمَا فِي حَرِّ تِهَامَةَ، وَابْتَلَّتْ ثِيَابُهُ بِهِ إِذْ لَيْسَ دُونَهَا حَائِلٌ.
وَرُوِيَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - رَكِبَ حِمَارًا بِلَا إكافٍ، وَلِأَنَّهُ حَيَوَانٌ عَيْنُهُ طَاهِرَةٌ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لُعَابُهُ وَعَرَقُهُ طَاهِرًا قِيَاسًا عَلَى بَنِي آدَمَ فَأَمَا قِيَاسُهُ عَلَى لَبَنِهِ فَقَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ أَصْحَابِنَا فِيهِ، وَأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِطَهَارَتِهِ كَلُعَابِهِ وَعَرَقِهِ، فَعَلَى هَذَا يَبْطُلُ الِاسْتِدْلَالُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ بِنَجَاسَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إِذَا سَلِمَ الْقِيَاسُ مِنَ النَّقْضِ بِرِيقِ الْهِرَّةِ إِمْكَانَ التَّحَرُّزِ مِنْ لَبَنِهِ وتعذر الحرز مِنْ عَرَقِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ: دَبْغُ الْإِهَابِ)
قال الشافعي رضي الله عنه: (قَالَ) وَأَيُّمَا إِهَابِ ميتةٍ دُبِغَ بِمَا يَدْبُغُ بِهِ الْعَرَبُ أَوْ نَحْوِهِ فَقَدْ طَهُرَ وَحَلَّ بَيْعُهُ وَتُوُضِئَ فِيهِ إِلَّا جِلْدَ كلبٍ أَوْ خنزيرٍ لِأَنَّهُمَا نَجِسَانِ وَهُمَا حَيَّانِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُسْتَوْفَاةً في باب الآنية.
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يَطْهُرُ بِالْدِّبَاغِ عظمٌ وَلَا صوفٌ وَلَا شعرٌ لِأَنَّهُ قَبْلَ الدِّبَاغِ وَبَعْدَهُ سواءٌ ".
قَالَ الماوردي: وقد مضت هذه المسالة أيضاً بما يغني عن الإعادة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute