للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " والخليطان في أصل النَّخْلِ يُصَدَّقَانِ صَدَقَةَ الْوَاحِدِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا اخْتِلَافَ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ فِي جَوَازِ الْخُلْطَةِ فِيمَا عَدَا الْمَوَاشِي مِنَ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، فَقَالَ فِي الْقَدِيمِ لَا تَصِحُّ الْخُلْطَةُ فِيهَا، وَإِنَّمَا تَصِحُّ فِي الْمَوَاشِي دُونَ مَا عَدَاهَا، وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ الْخُلْطَةُ فِي غَيْرِ المواشي كالخلطة في المواشي، وذكر تَوْجِيهَ الْقَوْلَيْنِ، فَإِذَا قُلْنَا إِنَّ الْخُلْطَةَ لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي رُوعِيَ مِلْكُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الشُّرَكَاءِ، فَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا وَجَبَتْ زَكَاتُهُ، وَإِنْ نَقَصَ عَنِ النِّصَابِ لَمْ تَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِذَا قُلْنَا إِنَّ الْخُلْطَةَ تَصِحُّ فِي غَيْرِ الْمَوَاشِي مِنَ الثِّمَارِ وَالزُّرُوعِ صَحَّتْ فِيهَا خُلْطَةُ الْأَعْيَانِ وَهِيَ الشَّرِكَةُ، وَهَلْ تَصِحُّ فِيهَا خُلْطَةُ الْأَوْصَافِ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إِنَّهَا لَا تَصِحُّ حَتَّى يَكُونَا شَرِيكَيْنِ فِي أَصْلِ النَّخْلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: تَصِحُّ إِذَا تَلَاصَقَتِ الْأَرْضَانِ وَكَانَ شِرْبُهُمَا وَاحِدًا وَالْقَيِّمُ بِهِمَا واحداً وفحول لقاحهما واحدة، وهذا الْوَجْهَانِ مِنِ اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا فِي الْخُلْطَةِ فِي الْمَاشِيَةِ بِالْأَوْصَافِ مَعَ تَمَيُّزِ الْأَمْوَالِ، هَلْ سُمُّوا خُلَطَاءَ لُغَةً أَوْ شَرْعًا؟ فَمَنْ قَالَ سُمُّوا خُلَطَاءَ مِنْ طَرِيقِ اللُّغَةِ مَنَعَ مِنَ الْخُلْطَةِ هاهنا.

وَمَنْ قَالَ سُمُّوا خُلَطَاءَ مِنْ طَرِيقِ الشَّرْعِ جوز الخلطة هاهنا.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فإن وَرِثُوا نَخْلًا فَاقْتَسَمُوهَا بَعْدَمَا حَلَّ بَيْعُ ثَمَرِهَا فِي جَمَاعَتِهَا خَمْسَةُ أَوْسُقٍ فَعَلَيْهِمُ الصَّدَقَةُ لِأَنَّ أول وجوبها كان وهم شركاء اقْتَسَمُوهَا قَبْلَ أَنْ يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهَا فَلَا زكاة على أحدٍ منهم حتى تبلغ حصته خمسة أوسق (قال المزني) هذا عندي غير جائز في أصله لأن القسم عنده كالبيع ولا يجوز قسم التمر جزافاً وإن كان معه نخلٌ كما لا يجوز عنده عرض بعرضٍ مع كل عرضٍ ذهبٌ تبعٌ له أو غير تبعٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: فِي رَجُلٍ مَاتَ وَخَلَّفَ نَخْلًا مُثْمِرًا قَدْرُ ثَمَرَتِهَا خَمْسَةُ أوسق فأكثر، فَلَا يَخْلُو حَالُ مَوْتِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ فَقَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاتُهَا، وَعَلَى الْوَرَثَةِ إِخْرَاجُهَا عَنْهُ وَقْتَ صِرَامِهَا، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ الِاقْتِسَامُ لَهَا قَبْلَ إِخْرَاجِ الزَّكَاةِ عَنْهَا، لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمَسَاكِينِ بِهَا، فإن اقتسموا قبل إخراج زكاتها كان في الْقِسْمَةِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: بَاطِلَةٌ إِذَا قِيلَ بِوُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي الْعَيْنِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>