للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَقَدَّمَ مِنْهُ إِلَى مَا تَأَخَّرَ كَثَمَرِ النَّخْلِ إِذَا طَلَعَ بَعْضُهُ وَأُبِّرَ بَعْضُهُ وَزَهَا بَعْضُهُ وأرطب بعضه فجميعه ثمرة واحدة يجب ضم بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَكَذَا الزَّرْعُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا وَيَخْتَلِفَ فَصْلُ حَصَادِهِمَا كأنه بَذْرٌ فَنَبَتَ بَعْضُهُ وَتَأَخَّرَ بَعْضُهُ حَتَّى حُصِدَ الْأَوَّلُ فِي الصَّيْفِ وَحُصِدَ الثَّانِي فِي الْخَرِيفِ فَهَذَا زَرْعٌ قَدِ اتَّفَقَ زَمَانُ بَذْرِهِ وَاخْتَلَفَ زَمَانُ حَصَادِهِ، فَيَكُونُ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُضَمُّ.

وَالثَّانِي: لَا يُضَمُّ وَسَنَذْكُرُ تَوْجِيهَ ذَلِكَ فِيمَا يليه.

مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا زَرَعَ فِي السَّنَةِ ثَلَاثَ مراتٍ فِي أوقاتٍ مختلفة في خريف وربيع وصيفٍ ففيه أقاويل منها أنه زرع واحدٌ إذا زرع في سنةٍ وإن أدرك بعضه في غيرها ومنها أن يضم ما أدرك في سنةٍ واحدةٍ وما أدرك في السنة الأخرى ضم إلى ما أدرك في الأخرى ومنها أنه مختلف لا يضم (قال الشافعي) في موضعٍ آخر وإذا كان الزرعان حصادهما معاً في سنةٍ فهما كالزرع الواحد وإن كان بذر أحدهما قبل السنة وحصاد الآخر متأخرٌ عن السنة فهما زرعان لا يضمان ولا يضم زرع سنةٍ إلى زرع سنةٍ غيرها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا مِمَّا يَخْتَصُّ بِالذُّرَةِ أَنْ تُزْرَعَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا فِي الرَّبِيعِ وَالصَّيْفِ وَالْخَرِيفِ، وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِذَلِكَ فِي غَيْرِهَا، فَإِذَا زُرِعَتْ مِرَارًا فَفِي ضَمِّهَا أَرْبَعَةُ أَقَاوِيلَ ذَكَرَهَا الشَّافِعِيُّ.

أَحَدُهَا: إِنَّهُ يُضَمُّ زَمَانُ مَا اتَّفَقَ بَذْرُهُ وَإِنِ اخْتَلَفَ زَمَانُ حَصَادِهِ وَلَسْنَا نُرِيدُ بِاتِّفَاقِ الزَّمَانِ أَنْ يَكُونَ بَذْرُهُمَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ وَإِنَّمَا نَعْنِي أَنْ يَكُونَ بَذْرُهُمَا فِي فَصْلٍ وَاحِدٍ وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا شَهْرٌ وَأَكْثَرُ، وَوَجْهُ هَذَا الْقَوْلِ: أَنَّ الْبَذْرَ أَصْلٌ والحصاد نوع، فَكَانَ اعْتِبَارُ الزَّرْعِ بِأَصْلِهِ أَوْلَى مِنِ اعْتِبَارِهِ بنوعه لِأَنَّ الْبَذْرَ مِنْ أَفْعَالِنَا وَالْحَصَادَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ من اعتبار أحدهما فاعتبار ما تعلق بفعلنا أَيْسَرُ، وَتَعْلِيقُ الْحُكْمِ بِهِ أَجْدَرُ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّهُ يُعْتَبَرُ مَا اتَّفَقَ زَمَانُ حَصَادِهِ وَإِنِ اخْتَلَفَ زَمَانُ بَذْرِهِ لِأَنَّ بِاسْتِحْصَادِ الزَّرْعِ وُجُوبَ زَكَاتِهِ، فَكَانَ الضَّمُّ بِاعْتِبَارِهِ أَوْلَى كَالثِّمَارِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: يُضَمُّ مَا اتَّفَقَ زَمَانُ بَذْرِهِ وَزَمَانُ حَصَادِهِ فَيُرَاعَى الضَّمُّ بِاتِّفَاقِ الطَّرَفَيْنِ، فَإِنِ اتَّفَقَ زَمَانُ بَذْرِهِمَا وَزَمَانُ حَصَادِهِمَا ضُمَّا، وَإِنِ اتَّفَقَ زَمَانُ بَذْرِهِمَا وَاخْتَلَفَ زَمَانُ حَصَادِهِمَا أَوِ اتَّفَقَ زَمَانُ حَصَادِهِمَا وَاخْتَلَفَ زَمَانُ بَذْرِهِمَا لَمْ يُضَمَّا، [هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَرَأَيْتُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>