(بَابُ فَتْحِ السَّوَادِ وَحُكْمُ مَا يُوقِفُهُ الْإِمَامُ من الأرض للمسلمين)
قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَا أَعْرِفُ مَا أَقُولُ فِي أَرْضِ السَّوَادِ إِلَّا بِظَنٍّ مَقْرُونٍ إِلَى عِلْمٍ وَذَلِكَ أَنِّي وَجَدْتُ أَصَحَّ حَدِيثٍ يَرْوِيهِ الْكُوفِيُّونَ عِنْدَهُمْ فِي السَّوَادِ لَيْسَ فِيهِ بَيَانٌ وَوَجَدْتُ أَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِهِمْ تُخَالِفُهُ مِنْهَا أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّ السَّوَادَ صُلْحٌ وَيَقُولُونَ إِنَّ السَّوَادَ عَنْوَةٌ وَيَقُولُونَ بَعْضُ السَّوَادِ صُلْحٌ وَبَعْضُهُ عَنْوَةٌ وَيَقُولُونَ إِنَّ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ البجلي وهذا أثبت حديث عندهم فيه (قال الشافعي) أخبرنا الثقة عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أبي حازم عن جرير قَالَ كَانَتْ بَجِيلَةُ رُبْعَ النَّاسِ فَقُسِّمَ لَهُمْ ربع السواد فاستغلوه ثلاث أو أربع سنين شك الشافعي ثم قدمت عَلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ومعي بِنْتُ فُلَانٍ امْرَأَةٌ مِنْهُمْ قَدْ سَمَّاهَا وَلَمْ يحضرني ذكر اسمها قال عمر لولا أني قاسم مسؤول لتركتكم على ما قسم لكم ولكني أَرَى أَنْ تَرُدُّوا عَلَى النَّاسِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) وكان في حديثه وعاضني من حقي فيه نيفا وثمانين دينارا وكان في حديثه فَقَالَتْ فُلَانَةُ قَدْ شَهِدَ أَبِي الْقَادِسِيَّةَ وَثَبَتَ سَهْمُهُ وَلَا أُسْلِمُ حَتَّى تُعْطِيَنِي كَذَا وَكَذَا فأعطاها إياه (قال الشافعي) رحمه الله ففي هذا الحديث دلالة إذ أعطى جريرا عوضا من سهمه والمرأة عوضا من سهم أبيها على أنه استطاب أنفس الذين أوجفوا عليه فتركوا حقوقهم منه فجعله وقفا للمسلمين وقد سبى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - هوازن وقسم الأربعة الأخماس بين الموجفين ثم جاءته وفود هوازن مسلمين فسألوه أن يمن عليهم وأن يرد عليهم ما أخذ منهم فخيرهم النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بين الأموال والسبي فقالوا خيرتنا بين أحسابنا وأموالنا فنختار أحسابنا فترك النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حقه وحق أهل بيته فسمع بذلك المهاجرون فتركوا له حقوقهم وسمع بذلك الأنصار فتركوا له حقوقهم ثم بقي قوم من المهاجرين والأنصار فأمر فعرف على كل عشرة واحدا ثم قال ائتوني بطيب أنفس من بقي فمن كره فله علي كذا وكذا من الإبل إلى وقت ذكره قال فجاءوه بطيب أنفسهم إلا الأقرع بن حابس وعيينة بن بدر فإنهما أتيا ليعيرا هوازن فلم يكرههما صلى الله عليه وسلم على ذلك حتى كانا هما تركا بعد أن خدع عيينة عن حقه وسلم لهم عليه السلام حق من طاب نفسا عن حقه قال وهذا أولى