وَاسْتِيفَاءُ السُّجُودِ فَرْضٌ، فَلَمْ يَكُنِ الْعَجْزُ عَنِ الطَّهَارَةِ مُسْقِطًا لِفَرْضِ السُّجُودِ كَالْعُرْيَانِ يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا وَإِنْ كَانَ تَظْهَرُ عَوْرَتُهُ، وَلَا يَكُونُ الْعَجْزُ عَنْ سَتْرِ الْعَوْرَةِ مُسْقِطًا لِفَرْضِ الْقِيَامِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْإِمْلَاءِ أَنَّهُ يُومِئُ مُنْتَهِيًا فِي سُجُودِهِ أَقْصَى حَالٍ إِنْ زَادَ عَلَيْهَا أَصَابَ النَّجَاسَةَ لِأَنَّ الْإِيمَاءَ بَدَلٌ مِنَ السُّجُودِ، وَلَيْسَ لِلطَّهَارَةِ فِي النَّجَاسَةِ بَدَلٌ، فَكَانَ اجْتِنَابُ الْأَنْجَاسِ أَوْكَدُ مِنِ اسْتِيفَاءِ السُّجُودِ، وَخَالَفَ الْعُرْيَانَ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا تَكُونُ خَلَفًا مِنَ الثَّوْبِ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ أَلَا تَرَى لَوْ أَفْضَى بِعَوْرَتِهِ إِلَى الْأَرْضِ سَاتِرًا لَهَا عَنْ أَبْصَارِ الْخَلْقِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الثَّوْبِ لَمْ يُجْزِهِ، وَلَوْ أَجْزَأَهُ هَذَا، وَكَانَ سَاتِرًا لِأَنَّهُ لَا يُرَى أَجْزَأَهُ إِذَا كَانَ يُصَلِّي عُرْيَانًا فِي بَيْتٍ مُسْتَتِرًا بِحِيطَانِهِ، لِأَنَّهُ لَا يُرَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْإِيمَاءُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ السُّجُودِ فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ، وَفِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ مَعَ الِاخْتِيَارِ.
(فَصْلٌ: حُكْمُ إِعَادَةِ مَنْ صَلَّى فِي حُشٍّ)
فَإِذَا صَلَّى عَلَى مَا وَصَفْنَا انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى وُجُوبِ الْإِعَادَةِ.
فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ مَا صَلَّاهُ كَانَ اسْتِحْبَابًا وَلَمْ يَكُنْ وَاجِبًا لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ قَوْلًا وَاحِدًا، وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ مَا صَلَّاهُ فِي الْوَقْتِ كَانَ فَرْضًا وَاجِبًا، فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا أَوْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ بِأَدَاءِ حَقٍّ يَتَمَكَّنُ مِنْهُ فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، لِأَنَّ الصَّلَاةَ مِنَ الْمُحْدِثِ لَا تَجُوزُ، وَالرُّخَصُ مِنَ الْعَاصِي لَا تَصِحُّ، فَإِنْ كَانَ مُتَوَضِّئًا وَبِالْحَبْسِ فِي الْحُشِّ مَظْلُومًا فَفِي وجوب الإعادة قولان نذكر موجبهما بَعْدَ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ مَسَائِلِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
(مَسْأَلَةٌ: صلاة من ربط على خشبة)
قال الشافعي رضي الله عنه: " أو مربوطاً على خشبةٍ صلى يومئ وَيُعِيدُ إِذَا قَدَرَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ رُبِطَ عَلَى خَشَبَةٍ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَلَا يَقْدِرُ مَعَ كَوْنِهِ مَرْبُوطًا عَلَى اسْتِيفَاءِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَإِنَّهُ يُصَلِّي لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ حَسَبَ إِمْكَانِهِ مُومِيًا فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ بِمَا قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ بَدَنِهِ وَهَلْ تَكُونُ صَلَاتُهُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا أَوْ وَاجِبًا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ، فَإِذَا صَلَّى ثُمَّ أَطْلَقَ مِنْ بَعْدُ، فَإِنْ قُلْنَا إِنَّ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ اسْتِحْبَابًا فَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ، وَإِنْ قُلْنَا إِنَّ صَلَاتَهُ فِي الْوَقْتِ وَاجِبَةٌ فَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا، أَوْ عَاصِيًا لِامْتِنَاعِهِ مِنْ حَقٍّ مَعَ الْمُكْنَةِ أَوْ كَانَ مَرْبُوطًا إِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ، لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثِ، وَإِنْ كان متوضئاً ومظلوماً مستقبلاً للقبلة في وُجُوبِ الْإِعَادَةِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ عَلَى مَا مَضَى.
(مَسْأَلَةٌ: حُكْمُ تَيَمُّمِ مَنْ أَلْصَقَ عَلَى مَوْضِعِ التيمم لصوقا)
ً
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَلْصَقَ عَلَى مَوْضِعِ التَيَمُّمِ لُصُوقًا، نَزَعَ اللصوق وأعاد ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute