للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ يُخَالِفُ الظَّاهِرَ أَمْكَنَ نَفْيُهُ فِي النِّكَاحِ بِاللِّعَانِ دُونَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَلَمْ يَكُنْ نَفْيُهُ فِي الْمِلْكِ إِلَّا بِالِاسْتِبْرَاءِ فَلِذَلِكَ وَجَبَ تَجْدِيدُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ وَلَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُ الِاسْتِبْرَاءِ فِي الْوَطْءِ بِالنِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مَا اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَ بَيْعِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْمُشْتَرِي إِذَا أَعْتَقَهَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا إِلَّا بَعْدَ اسْتِبْرَائِهَا وَيَمْنَعُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ صِحَّةِ النِّكَاحِ كَمَا يَمْنَعُ مِنْهُ وُجُوبُ الْعِدَّةِ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَجُوزُ وَلَا يَمْنَعُ وُجُوبُ الِاسْتِبْرَاءِ عِنْدَهُ مِنْ عَقْدِ النِّكَاحِ، وَهَذِهِ مَسْأَلَةُ أَبِي يُوسُفَ مَعَ " الرَّشِيدِ " فَإِنَّهُ اسْتَبْرَأَ أَمَةً فَمِنْ شِدَّةِ مَيْلِهِ إِلَيْهَا اسْتَصْعَبَ الصَّبْرَ عَنْهَا إِلَى أَنْ يَسْتَبْرِئَهَا فَسَأَلَ أَبَا يُوسُفَ عَنِ الْمَخْرَجِ فِي تَعْجِيلِ الِاسْتِبَاحَةِ، فَقَالَ تُعْتِقُهَا وَتَتَزَوَّجُهَا فَحَظِيَ عِنْدَهُ وَوَصَلَهُ وَشَكَرَتْهُ الْجَارِيَةُ وَوَصَلَتْهُ، وَقَالَتْ: فَكَكْتَ رِقِّي، وَجَعَلْتَنِي زَوْجَةَ الرَّشِيدِ وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: " لا يشترك رجلان في طهر امرأته " وَتَزْوِيجُهَا قَبْلَ الِاسْتِبْرَاءِ مُفْضٍ إِلَى اشْتِرَاكِ الْبَائِعِ وَالزَّوْجِ عَلَى وَطْئِهَا فِي الطُّهْرِ الْوَاحِدِ، وَهَذَا مَدْفُوعٌ بِالنَّصِّ.

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " لَا تَسْقِ بِمَائِكَ زَرْعَ غَيْرِكَ " فَلَمْ يَجُزْ لِلزَّوْجِ أَنْ يَسْقِيَ زَرْعَ الْبَائِعِ بِمَائِهِ، وَلِأَنَّ وَطْءَ الْبَائِعِ وَطْءٌ لَهُ حُرْمَةٌ فَلَمْ يَجُزْ نِكَاحُهَا قَبْلَ اسْتِبْرَائِهَا مِنْهُ كَوَطْءِ الشُّبْهَةِ مَعَ حَظْرِ وَطْءِ الشُّبْهَةِ وَإِبَاحَةِ وَطْءِ السيد، والله أعلم.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ وَطِئَ الْمُكَاتِبُ أَمَتَهُ فَوَلَدَتْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ ومنعته الوطء وفيها قولان أحدهما لا يبيعها بحال لأني حكمت لولدها بحكم الحرية إن عتق أبوه والثاني أن له بيعها خاف العجز أو لم يخفه (قال المزني) رحمه الله القياس على قوله أن لا يبيعها كما لا يبيع ولدها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَجُوزُ لِلْمَكَاتِبِ أَنْ يَسْتَبْرِئَ الرَّقِيقَ مِنَ الْعَبِيدِ، وَالْإِمَاءِ إِذَا قَصَدَ بِهِ تَمْيِيزَ الْمَالِ لِوُجُودِ الْفَضْلِ فِيهِ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، فَإِذَا مَلَكَ أَمَةً لَمْ يَكُنْ لَهُ وَطْؤُهَا لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَقِرِّ الْمِلْكِ كَالْعَبْدِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَطَأَ بِالْمِلْكِ إِلَّا مَالِكٌ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ رُبَّمَا أَحْبَلَهَا فَنَقَصَتْ قِيمَتُهَا، وَلَمْ يُؤْمَنْ تَلَفُهَا، وَالْمُكَاتَبُ مَمْنُوعٌ مِنْ إِتْلَافِ مَا بِيَدِهِ أَوْ إِحْدَاثِ نَقْصٍ فِيهِ، فَإِنِ اسْتَأْذَنَ سَيِّدَهُ فِي وَطْئِهَا، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَالْحَظْرُ بَاقٍ لِحَالِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فَالْحَظْرُ بَاقٍ بِحَالِهِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي وَطْئِهَا لَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَمْلِيكٍ، لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مَالِكٌ بِالْكِتَابَةِ، وَفِي جَوَازِ وَطْئِهِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ في العيد، هَلْ يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ، فَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْقَدِيمِ يَمْلِكُ إِذَا مُلِّكَ، وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطَأَ إِذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ، وَعَلَى قَوْلِهِ فِي الْجَدِيدِ لَا يَمْلِكُ

<<  <  ج: ص:  >  >>