للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا الْعُدُولُ إِلَى قِيمَتِهَا دُونَ أَنْ تُرَدَّ الْعَيْنُ، وَالْعَيْنُ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنَ الرَّهْنِ، وَكُلُّ رَهْنٍ لَمْ يُمْلَكِ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ كَانَ رَهْنًا بَاطِلًا كَالْوَقْفِ.

فَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ فَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الرَّهْنِ، فَجَازَ فِيهِ الرَّهْنُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْعَيْنُ وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى الشَّهَادَةِ فَالْمَعْنَى فِي الشَّهَادَةِ أَنَّهَا لَمَّا جَازَتْ عَلَى عَيْنٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ جَازَتْ عَلَى عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ وَلَمَّا لَمْ يَجُزِ الرَّهْنُ فِي عَيْنٍ غَيْرِ مَضْمُونَةٍ لَمْ يَجُزْ فِي عَيْنٍ مَضْمُونَةٍ وَكَذَلِكَ الرَّهْنُ في كفالات النفوس لا يجوز.

[(فصل)]

[أقسام الأموال باعتبار ما لزم للذمة وما لا يلزم وما يؤول إلى اللزوم] .

وَأَمَّا الْأَمْوَالُ الَّتِي فِي الذِّمَّةِ فَعَلَى ثَلَاثَةٍ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: مَا كَانَ لَازِمًا لِلذِّمَّةِ ثَابِتًا فِيهَا كَالْأَثْمَانِ وَالدُّيُونِ وَالْمُهُورِ وَأُرُوشِ الْجِنَايَاتِ وَالسَّلَمِ فَهَذَا كُلُّهُ وَمَا شَاكَلَهُ، يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ حَالًا أَوْ مُؤَجَّلًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: مَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا مِنَ الذِّمَّةِ فِي الْحَالِ وَلَا تُفْضِي إِلَى اللُّزُومِ فِي ثاني حال مِثْلُ مَالِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ فِيهِ الرَّهْنُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالرَّهْنِ اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْهُ عِنْدَ تَعَذُّرِ اسْتِيفَائِهِ مِنَ الذِّمَّةِ، وَمَالُ الْكِتَابَةِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرِ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الذِّمَّةِ.

وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ: مَا لَمْ يَكُنْ لَازِمًا لِلذِّمَّةِ فِي الْحَالِ لَكِنَّهُ يُفْضِي إِلَى اللُّزُومِ فِي ثَانِي حَالٍ كَمَالِ الْجَعَالَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ لُزُومِهِ بِحُصُولِ الْعَمَلِ جَازَ أَخْذُ الرَّهْنِ فِيهِ، لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ كَالدُّيُونِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ لُزُومِهِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْعَمَلِ فَفِي جَوَازِ أَخْذِ الرَّهْنِ فِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ أَخْذُ الرَّهْنِ فِيهِ، لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إِلَى اللُّزُومِ، فَجَازَ أَخْذُ الرَّهْنِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فِي الْحَالِ، كَالثَّمَنِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَأَخْذُ الرَّهْنِ فِيهِ جَائِزٌ لِأَنَّهُ قَدْ يُفْضِي إِلَى اللُّزُومِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ مَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ: أَنَّ أَخْذَ الرَّهْنِ فِيهِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ يُفْضِي إِلَى اللُّزُومِ بِحُصُولِ الْعَمَلِ فَمَا فِي مُقَابَلَةِ هَذَا الْجُعْلِ مِنَ الْعَمَلِ لَا يُفْضِي إِلَى اللُّزُومِ، لِأَنَّ الْمَبْذُولَ لَهُ الْجُعْلُ بِالْخِيَارِ أَبَدًا إِنْ شَاءَ عَمِلَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَعْمَلْ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الثَّمَنُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، لِأَنَّ الْعِوَضَ وَالْمُعَوَّضَ قد يفضيان إلى اللزوم بما افترقا.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا أَخْذُ الرَّهْنِ فِي عِوَضِ السَّبْقِ وَالنِّضَالِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ لُزُومِهِ بِوُجُودِ السَّبْقِ، وَحُصُولِ النِّضَالِ جَازَ أَخْذُ الرَّهْنِ فِيهِ كَالدَّيْنِ. وَإِنْ كَانَ قَبْلَ وُجُودِ السَّبْقِ وَالنِّضَالِ، فَهُوَ مبني

<<  <  ج: ص:  >  >>