للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِثَالُهُ: أَنْ تَقُولَ حَيْضِي خَمْسَةُ أَيَّامٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَّلِ لَا أَعْرِفُهَا وَأَعْلَمُ أَنَّنِي كُنْتُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ حَائِضًا، فَهَذِهِ حَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْأُولَى وَطُهْرُهَا الْخَمْسُ الثَّانِيَةُ، وَلَوْ قَالَتْ: كُنْتُ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ حَائِضًا فَهَذِهِ حَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ وَطُهْرُهَا الْخَمْسُ الْأُولَى وَلَوْ قَالَتْ كُنْتُ في اليوم السادس طاهراً كان حيضها الخمس الْأُولَى. فَلَوْ قَالَتْ حَيْضِي أَحَدُ الْخَمْسَتَيْنِ بِكَمَالِهِ وَكُنْتُ فِي الثَّالِثِ حَائِضًا كَانَ حَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْأُولَى، وَلَوْ قَالَتْ: كُنْتُ فِي الثَّالِثِ طَاهِرًا كَانَ حَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الثَّانِيَةُ، وَلَوْ قَالَتْ كُنْتُ فِي السَّابِعِ طَاهِرًا كَانَ حَيْضُهَا الْخَمْسَةُ الْأُولَى، فلو قالت: حيضي أربعة أيام من العشر، وَأَخْلِطُ مِنْ أَحَدِ الْخَمْسَتَيْنِ فِي الْآخَرِ بِيَوْمَيْنِ فَحَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الرَّابِعِ إِلَى آخِرِ السَّابِعِ، وَلَوْ قَالَتْ كُنْتُ أَخْلِطُ مِنْ أَحَدِ الْخَمْسَتَيْنِ فِي الْآخَرِ إِمَّا بِيَوْمٍ أَوْ بِيَوْمَيْنِ، وَكُنْتُ فِي السَّابِعِ طَاهِرًا كَانَ حَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الثَّالِثِ إِلَى آخِرِ السَّادِسِ، وَلَوْ قَالَتْ كُنْتُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ طَاهِرًا كَانَ حَيْضُهَا مِنْ أَوَّلِ الْخَامِسِ إِلَى آخِرِ الثَّامِنِ فَقِسْ عَلَى هذا نظائره والله أعلم.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " وَأُشْكِلَ وَقْتُ الْحَيْضِ عَلَيْهَا مِنَ الِاسْتِحَاضَةِ فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ إِلَّا أَقَلَّ مَا تَحِيضُ لَهُ النِّسَاءُ وَذَلِكَ يَوْمٌ وليلةٌ فعليها أن تغتسل وتقضي الصلاة أربعة عشر يوماً ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْكَلَامِ فِي أَقَلِّ الْحَيْضِ وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِيهِ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى فَأَمَّا مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فَالَّذِي نص عليه ها هنا، وَفِي كِتَابِ الْأُمِّ أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَقَالَ فِي كِتَابِ الْعَدَدِ أَقَلُّهُ يَوْمٌ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي اخْتِلَافِ هَذَيْنِ النَّصَّيْنِ عَلَى ثلاثة طرق:

أحدها: وهو طريقة المزني وابن شريح أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَمَا قَالَهُ مِنْ كِتَابِ الْعَدَدِ أَنَّ أَقَلَّهُ يَوْمٌ يُرِيدُ بِهِ مَعَ لَيْلَةٍ، وَهَذِهِ عَادَةُ الْعَرَبِ وَأَهْلِ اللِّسَانِ أَنَّهُمْ يُطْلِقُونَ ذِكْرَ الْأَيَّامِ يُرِيدُونَ بِهَا مَعَ اللَّيَالِي، وَيُطْلِقُونَ ذِكْرَ اللَّيَالِي، وَيُرِيدُونَ بِهَا مَعَ الْأَيَّامِ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً) {الأعراف: ١٤٢) يُرِيدُ مَعَ الْأَيَّامِ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ) {هود: ٦٥) يُرِيدُ مَعَ اللَّيَالِي غَيْرَ أَنَّ الْمُزَنِيَّ عَلَّلَ لِطَرِيقَتِهِ هَذِهِ تَعْلِيلًا قَدَحَ فِيهِ أَصْحَابُنَا فَقَالَ: لِأَنَّ الْيَوْمَ وَاللَّيْلَةَ زِيَادَةُ عِلْمٍ، وَقَالَ أَصْحَابُنَا: هَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعِلْمِ وُجُودُ الْأَقَلِّ لَا وُجُودُ الْأَكْثَرِ، وَلَوْ كَانَ الْيَوْمُ وَاللَّيْلَةُ أَزْيَدَ عِلْمًا مِنَ الْيَوْمِ لَكَانَ الثَّلَاثُ أَزْيَدَ عِلْمًا، وَهَذَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُزَنِيِّ خَطَأٌ فِي تَأْوِيلِ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْمُزَنِيَّ إِنَّمَا أَرَادَ بِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ فِي النَّقْلِ، لَا فِي الْوُجُودِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>