للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ السُّدُسُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا فِي يَدِهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ يَدَّعِي مَا زَادَ عَلَيْهِ مِلْكًا وَلَكَانَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ الثُّلُثُ وَهُوَ قَدْرُ مَا فِي يَدِهِ، وَلَيْسَ يَدَّعِي مَا زَادَ عَلَيْهِ مِلْكًا.

وَإِذَا كَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ مَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَمْلَاكِهِمْ فِيهَا تَجَاحُدٌ، لَمْ يُتَصَوَّرْ إِلَّا عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ، وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ ادَّعَى مَا ادَّعَاهُ مِلْكًا، وَادَّعَى بَاقِيهَا يَدًا وَهُمْ فِي أَمْلَاكِهِمْ مُتَّفِقُونَ، وفي أيديهم متجاحدون، وقد تساوت أيديهم عليهما، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ أَمْلَاكُهُمْ فِيهَا فَتَفَرَّقَتْ أَيْدِيهِمْ أَثْلَاثًا عَلَى مَا أَوْجَبَهُ تَسَاوِيهِمْ، فَيُنْقَصُ صَاحِبُ النِّصْفِ عَمَّا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ، لِأَنَّهُ يَدَّعِيهِ مِلْكًا، وَهُوَ فِي يَدِ غَيْرِهِ فَلَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ، وَيُزَادُ صَاحِبُ السُّدُسِ، بِاسْتِكْمَالِ الثُّلُثِ، لِأَنَّ لَهُ فيه يدا يدعيه ملكا لغائب. فأقرت يدي عَلَيْهِ لِلْغَائِبِ، لِأَنَّهُ مُنَازِعٌ فِيهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَلَا يَدٍ، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ لَمْ يَزِدْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِلْكًا وَلَمْ يَنْقُصْ، لِأَنَّ لَهُ فِي الثُّلُثِ يَدًا، فَلَمْ يَنْقُصْ وَلَيْسَ لَهُ فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ يَدٌ فَلَمْ يَزِدْ، فَإِنْ أَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ إِحْلَافَ صَاحِبَيْهِ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنِ اسْتِحْقَاقِ الْيَدِ فِي الْجَمِيعِ، نَظَرْتُ دَعْوَى يَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ لَهُ بِهَا حَقٌّ بِحِصَّةٍ لِأَنَّهُ ادَّعَاهَا إِجَارَةً، كَانَ له إحلافهما عليهما، وَإِنِ ادَّعَاهَا بَعْضُهُمْ وَدِيعَةً وَادَّعَاهَا بَعْضُهُمْ إِجَارَةً، كَانَ لِمُدَّعِي الْإِجَارَةِ إِحْلَافُهُمَا عَلَى الْعِلْمِ دُونَ الْبَتِّ، لِأَنَّهَا يَمِينٌ عَلَى نَفْيِ فِعْلِ الْغَيْرِ، وَلَمْ يَكُنْ لِمُدَّعِي الْوَدِيعَةِ إِحْلَافُهُمَا.

(فَصْلٌ)

: وَإِذَا تَنَازَعَا دَارًا فِي أَيْدِيهِمَا، وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِلْكَ جَمِيعِهَا، وَعَدِمَا الْبَيِّنَةَ، وَتَحَالَفَا عَلَيْهَا، وَحَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مَالِكٌ لِنِصْفِهَا، وَلَا يَحْلِفُ أَنَّهُ مَالِكٌ لِجَمِيعِهَا، وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا لِجَمِيعِهَا، لِأَنَّنَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ، وَلَا نَحْكُمُ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ عَلَى مَا فِي يَدِ مُنَازِعِهِ، فَكَانَتْ يَمِينُهُ مَقْصُورَةً عَلَى النِّصْفِ، وَإِنْ كَانَ مُدَّعِيًا لِلْكُلِّ، لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَضَمَّنَ يَمِينُهُ مَا لَا يُحْكَمُ لَهُ بِهِ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ وَجْهًا آخَرَ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْجَمِيعِ اعتبارا بالدعوى.

[(مسألة)]

: قال الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " فَإِذَا كَانَتْ فِي يَدَيِ اثْنَيْنِ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً عَلَى الثُّلُثِ وَالْآخَرُ عَلَى الْكُلِّ جَعَلْتُ لِلْأَوَّلِ الثُّلُثَ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِمَّا فِي يَدَيْهِ وَمَا بَقِيَ لِلْآخَرِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ، لِأَنَّ الْيَدَ تَتَرَجَّحُ بِهَا بَيِّنَةُ صَاحِبِهَا، وَتُرْفَعُ بَيِّنَةُ مُنَازِعِهَا، فَإِذَا كَانَتِ الدَّارُ فِي يَدَيْ رَجُلَيْنِ تَنَازَعَاهَا، فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ لَهُ ثُلُثَهَا، وَأَقَامَ الْآخَرُ الْبَيِّنَةَ عَلَى أَنَّ لَهُ جَمِيعَهَا، قُضِيَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ بِثُلُثِهَا، لِأَنَّ لَهُ فِي الْيَدِ بينة ويدا، وله في السدس الزائدة عَلَى الثُّلُثِ يَدٌ، قَابَلَتْهَا بَيِّنَةٌ فَرُفِعَتْ بِهَا، وَقُضِيَ لِصَاحِبِ الْكُلِّ بِالْبَاقِي، وَهُوَ الثُّلُثُ، لِأَنَّ لَهُ بِنِصْفِهَا بَيِّنَةً وَيَدًا، وَلَهُ بِالسُّدُسِ الزَّائِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>