للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي رَجُلٍ قَالَ: غَصَبْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ وَمِلْكُهَا لِعَمْرٍو فَعَلَيْهِ تسليمها إلى زيد الذي أقر بغضبها منه وهو مستأنف للشهادة بملكها لعمرو فلم تسمع الشهادة منه لأنه غاصب والغاصب مردود الشهادة ثم لا غرم عليه لعمرو الذي أقر له بملكها لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَالِكًا وَغَيْرُهُ أَحَقُّ بِالْيَدِ الإجارة أَوْ رَهْنٍ فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ وَجَبَ تَسْلِيمُهَا إِلَى صَاحِبِ الْيَدِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْهُ دُونَ الْمُقَرِّ بِمِلْكِهَا لَهُ وَسَقَطَ الْغُرْمُ عَنْهُ لِاسْتِحْقَاقِ صَاحِبِ الْيَدِ لَهَا وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مَالِكًا لَهَا ثُمَّ يَكُونُ عَمْرٌو الْمُقَرُّ لَهُ بِمِلْكِهَا خَصْمًا فِيهِ لِزَيْدٍ الْمُقَرِّ لَهُ بِغَصْبِهَا فَإِنِ اعْتَرَفَ لَهُ بِمِلْكِهَا سَلَّمَهَا إِلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لِأَجْلِ يَدِهِ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

: وَلَوِ ابْتَدَأَ فَقَالَ: مِلْكُ هَذِهِ الدَّارِ لِزَيْدٍ غَصَبْتُهَا مِنْ عَمْرٍو فَهِيَ لِزَيْدٍ الْأَوَّلِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِمِلْكِهَا دُونَ عَمْرٍو الثَّانِي الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِغَصْبِهَا فَصَارَ الْأَوَّلُ وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ إِقْرَارًا مَحْضًا لِثُبُوتِ يَدِهِ مِنْ قَبْلُ وَوُجُوبِ رَفْعِهَا بِهَذَا الْقَوْلِ.

وَإِنْ بَدَأَ بِذِكْرِ الْغَصْبِ كَانَ مَا بَعْدَهُ مِنْ ذِكْرِ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ شَهَادَةً مَحْضَةً ثُمَّ إِذَا جُعِلَتْ لِلْأَوَّلِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالْمِلْكِ، فهل يلزمه غرم قيمتها للثاني المقر له أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ نَذْكُرُهُمَا فِيمَا بَعْدُ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا قَالَ: اسْتَعَرْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ وَمَلْكُهَا لِعَمْرٍو لَزِمَهُ تَسْلِيمُهَا إِلَى زَيْدٍ الْأَوَّلِ الَّذِي اسْتَعَارَهَا مِنْهُ، وَصَارَتْ شَهَادَتُهُ بِمِلْكِهَا لِعَمْرٍو لِأَنَّ شَهَادَةَ الْمُسْتَعِيرِ جَائِزَةً بِخِلَافِ الْغَاصِبِ.

وَلَوِ ابْتَدَأَ فَقَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَاسْتَعَرْتُهَا مِنْ عَمْرٍو لَزِمَهُ تَسْلِيمُهَا إِلَى زَيْدٍ الْأَوَّلِ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَهَلْ يُغَرَّمُ قِيمَتَهَا لِعَمْرٍو الْمُعِيرِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ ".

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُهَا مِنْ فلانٍ لَا بَلْ مِنْ فلانٍ كَانَتْ لِلْأَوَّلِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ للثاني وكان الثاني خَصْمًا لِلْأَوَّلِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ إِذَا قَالَ: غَصَبْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ لَا بَلْ مِنْ عَمْرٍو، أَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ لَا بَلْ لِعَمْرٍو، أَوْ قَالَ: غَصَبْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ وَغَصَبَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو أَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ وَغَصَبْتُهَا مِنْ عَمْرٍو.

فَالدَّارُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ لِزَيْدٍ الْأَوَّلِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالْمِلْكِ أَوْ بِالْغَصْبِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَقَدُّمُ الْإِقْرَارِ لَهُ وَالْمَنْعُ مِنَ الرُّجُوعِ فِيهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهَا قَدْ صَارَتْ لِلْأَوَّلِ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ وَصَارَ بِالْإِقْرَارِ الثَّانِي مُقِرًّا فِي الْمِلْكِ الْأَوَّلِ فَرُدَّ وَلَمْ يُقْبَلْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>