وإذا قيل بجواز صَلَاةُ الْإِمَامِ فَصَلَاةُ الطَّائِفَةِ الرَّابِعَةِ جَائِزَةٌ لِخُرُوجِهِمْ مِنَ الصَّلَاةِ بِخُرُوجِهِ، فَأَمَّا الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ وَالثَّالِثَةُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِمْ، هَلْ هُمْ مَعْذُورُونَ بِذَلِكَ أَمْ لَا: عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ غَيْرُ مَعْذُورِينَ لِأَنَّ لِكُلِّ طَائِفَةٍ أَنْ تُخْرِجَ نَفْسَهَا بَعْدَ رَكْعَتَيْنِ، فَلَمْ يُعْذَرُوا بِإِخْرَاجِ أَنْفُسِهِمْ بَعْدَ رَكْعَةٍ، فَعَلَى هَذَا فِي بُطْلَانِ صَلَاتِهِمْ قولان مبينان على اختلاف قوله فمن أَخْرَجَ نَفْسَهُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ غَيْرَ مَعْذُورٍ.
أَحَدُهُمَا: بَاطِلَةٌ.
وَالثَّانِي: جَائِزَةٌ فَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ وَهُوَ أَشْهَرُ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَظْهَرُ أَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ لِأَنَّ إِخْرَاجَ أَنْفُسِهِمْ لَمْ يَكُنْ إِلَى اخْتِيَارِهِمْ، وَلَوْ أَرَادُوا الْمُقَامَ عَلَى الْإِتْمَامِ لَمْ يُمْكِنْهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عُذْرًا لَهُمْ، فَعَلَى هَذَا صَلَاتُهُمْ جَائِزَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
وإذا أراد الإمام أن يصلي الجمعة بأصحاب صَلَاةَ الْخَوْفِ، فَإِنْ كَانَ مُقِيمًا لَكِنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَهَا خَارِجَ الْمِصْرِ وَفِي ظَاهِرِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الْجُمْعَةَ لَا يَصِحُّ إِقَامَتُهَا إِلَّا فِي مِصْرٍ، وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا مُتَوَطِّنًا فِي مِصْرٍ فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ الْجُمْعَةَ صَلَاةَ الْخَوْفِ، وَإِذَا أَفْرَدَ أَصْحَابَهُ فَرِيقَيْنِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ أَرْبَعِينَ رَجُلًا أَهْلَ الْجُمْعَةِ فَإِنْ كَانَتِ الطَّائِفَةُ الْأُولَى، أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَتِ الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ لَمْ يَجُزْ، فَإِذَا أَكْمَلَتْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمَا أَرْبَعِينَ، خَطَبَ عَلَى الطَّائِفَةِ الْأُولَى فَصَلَّى بِهِمْ رَكْعَةً وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ جُمْعَةً، فَإِنْ خَطَبَ عَلَى الْأُولَى وَصَلَّى بالثانية لم يجز أن بين عَلَى الْجُمْعَةِ لِأَنَّهُ صَارَ مُبْتَدِئًا بِالْجُمْعَةِ جَمَاعَةً لَمْ يَحْضُرُوا الْجُمْعَةَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْخَوْفِ صَلَاةَ الْعِيدِ وَالْكُسُوفِ صَلَّى بِالْأُولَى رَكْعَةً وَأَتَمُّوا وَبِالثَّانِيَةِ رَكْعَةً وَأَتَمُّوا وَخَطَبَ بِهِمْ والله أعلم.
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَأُحِبُّ لِلْمُصَلِّي أَنْ يَأْخُذَ سِلَاحَهُ فِي الصَّلَاةِ مَا لَمْ يَكُنْ نَجِسًا أَوْ يَمْنَعَهُ مِنَ الصَّلَاةِ أَوْ يُؤْذِيَ بِهِ أَحَدًا وَلَا يَأْخُذُ الرمح إلا أن يكون في ماشية الناس ".
قال الماوردي: وهذا صحيح ليس يختلف مَذْهَبُهُ فِي اسْتِحْبَابِ أَخْذِهِ وَالْأَمْرِ بِهِ وَإِنَّمَا قَوْلُهُ فِي إِيجَابِهِ فَقَالَ فِي الْقَدِيمِ: أَخْذُهُ فِي الصَّلَاةِ وَاجِبٌ، وَقَالَ فِي الْجَدِيدِ: أَخْذُهُ فِي الصَّلَاةِ اسْتِحْبَابٌ.
وَذَكَرَ أَكْثَرُ أَصْحَابِنَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ عَلَى قَوْلَيْنِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute