للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

[(كتاب الرهن)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " أَذِنَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِالرَّهْنِ فِي الدَّين والدَّين حَقٌّ فَكَذَلِكَ كُلُّ حَقٍّ لَزِمَ فِي حِينِ الرَّهْنِ وَمَا تَقَدَّمَ الرَّهْنَ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وهذا كما قال الرهن أحد الوثائق فِي الْحُقُوقِ.

وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: ٢٨٣] وَقُرِئَ " فَرُهُنٌ مَقْبُوضَةٌ " وَفِي اخْتِلَافِ الْقِرَاءَتَيْنِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ قَوْلَهُمْ: فَرِهَانٌ جَمْعٌ، وَرُهُنٌ جَمْعُ الْجَمْعِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ قَوْلَهُ: فَرِهَانٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي السَّبْقِ وَالنِّضَالِ، وَقَوْلُهُ: فَرُهُنٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْمُعَامَلَاتِ وَأَمَّا الرَّهِينَةُ، فَلَيْسَتْ مِنْ هَذَيْنِ، وَإِنَّمَا هِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي ارْتِهَانِ النُّفُوسِ. قَالَ الْفَرَزْدَقُ:

(وَمِنَّا الَذِي أَعْطَى يَدَيْهِ رَهِينَةً ... لِغَارَيْ مَعَدٍّ يَوْمَ ضَرْبِ الْجَمَاجِمِ)

ثُمَّ مِنَ السُّنَّةِ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْمَاعِيلَ عَنِ أَبِي ذِئْبٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنِ ابْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: لا يغلق الرهن الرَّهْنُ مِنْ رَاهِنِهِ الَذِي رَهَنَهُ لَهُ غُنْمُهُ غيره وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ

وَفِي قَوْلِهِ: لَا يَغْلَقُ الرَّهْنُ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الدَّيْنُ بِتَلَفِهِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ أَشْبَهُ: أَنَّهُ لَا يُمَلَّكُ بِالدَّيْنِ عِنْدَ مَحَلِّهِ. قَالَ زُهَيْرٌ:

<<  <  ج: ص:  >  >>