للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذَلِكَ مِنْ يَدِ الضَّامِنِ كَانَ مَضْمُونًا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى الْبَدَلِ وَلَوْ كَانَ الضَّامِنُ باعه بَيْعُهُ بَاطِلًا فِي الْحَالَتَيْنِ مَعًا لِأَنَّهُ بَاعَ ما لم يملكه بغير أمر مالكه.

[مسألة:]

قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وإذا جاز السلم في التمر السنتين وَالتَّمْرُ قَدْ يَكُونُ رُطَبًا فَقَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَجَازَ الرُّطَبَ سَلَفًا مَضْمُونًا فِي غَيْرِ حِينِهِ الَذِي يَطِيبُ فِيهِ لِأَنَّهُ إِذَا أَسْلَفَ سنتين كَانَ فِي بَعْضِهَا فِي غَيْرِ حِينِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

السَّلَمُ يَجُوزُ فِيمَا كَانَ مَوْجُودًا أَوْ وَقْتَ الْمَحَلِّ وَإِنْ كَانَ مَعْدُومًا مِنْ قَبْلِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: لَا يَصِحُّ السَّلَمُ إِلَّا فِيمَا يَكُونُ مَوْجُودًا مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى وَقْتِ الْمَحَلِّ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِذَا كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ وَوَقْتَ الْمَحَلِّ جَازَ السَّلَمُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَيْنَهُمَا مَعْدُومًا فَاعْتَبَرَ طَرَفَي الْعَقْدِ لَا غَيْرَ.

وَاسْتَدَلُّوا بِرِوَايَةِ إِسْحَاقَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ نَجْرَانَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا تُسْلِفُوا فِي النَّخِيلِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا يَعْنِي فِي تَمْرِ النَّخْلِ وَبِنَهْيِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - حُكْمًا عَنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ ".

وَقَالَ أبو حنيفة: وَلِأَنَّ مَوْتَ الْمُسَلَّمِ إِلَيْهِ قَبْلَ الْمَحَلِّ يَجُوزُ وَحُلُولُ مَا عَلَيْهِ إِنْ مَاتَ وَاجِبٌ فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ وُجُودُهُ مِنْ حِينِ العقد إلى أن يقدر السَّلَمُ فِي بُيُوعِ الصِّفَاتِ كَتَأْخِيرِ الْقَبْضِ فِي بُيُوعِ الْأَعْيَانِ، ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّ مَا أَوْجَبَ تأخير القبض في الأعيان المبيعة ثبت الْخِيَارَ وَلَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كل مَا اقْتَضَى تَأْخِيرُ الْقَبْضِ فِي الْأَشْيَاءِ الْمَوْصُوفَةِ قد ثبت الْخِيَارَ وَلَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَدِمَ الْمُثَمَّنُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُوجِبُ الْخِيَارَ ولا يبطل العقد وَقْتِ الْمَحَلِّ شَرْطًا لِجَوَازِ أَنْ يَسْتَحِقَّ فِيهِ كَمَا كَانَ وُجُودُهُ وَقْتَ الْمَحَلِّ شَرْطًا لِاسْتِحْقَاقِهِ فِيهِ وَهُوَ عُمْدَتُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ وَقَدْ جَوَّزَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ ذَلِكَ قِيَاسًا فَقَالُوا كُلُّ وَقْتٍ جَازَ أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ فِيهِ مُسْتَحَقًا كَانَ وُجُودُهُ فِيهِ شَرْطًا قِيَاسًا عَلَى وَقْتِ الْمَحَلِّ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لِلْعَقْدِ طَرَفَانِ ابْتِدَاءٌ وَانْتِهَاءٌ فَلَمَّا كَانَ وَجُودُهُ فِي انْتِهَائِهِ وَقْتَ الْمَحَلِّ شَرْطًا اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ وَجُوُدُهُ فِي ابْتِدَائِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ شَرْطًا وَتَحْرِيرُهُ أَنَّهُ أَحَدُ طَرَفَيِ الْعَقْدِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ وُجُودُ الْمُسَلَّمِ فِيهِ شَرْطًا كَالطَّرَفِ الثَّانِي.

وَاسْتَدَلَّا جَمِيعًا بِأَنْ قَالَا ابْتِدَاءُ الْعَقْدِ أَغْلَظُ حُكْمًا مِنِ انْتِهَائِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ بَيْعَ الْآبِقِ وَقْتَ الْعَقْدِ بَاطِلٌ وَإِنْ وُجِدَ مِنْ بَعْدُ فَلَمَّا كَانَ وُجُودُ ذَلِكَ فِي انْتِهَاءِ الْعَقْدِ شَرْطًا فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>