للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حِفْظُهَا، وَتَعْيِينُهَا؛ لِاسْتِحْقَاقِ التَّوَارُثِ، فَإِذَا كَانُوا أَحْرَارًا لا ولاء عليهم، انقسموا ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ مِنْ وِلَادَةِ الْإِسْلَامِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ مِنْ وِلَادَةِ الشِّرْكِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونُوا مُشْرِكِينَ.

فَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ مِنْ وِلَادَةِ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ فَعَلَيْنَا فِي أَنْسَابِهِمْ حَقَّانِ:

أَحَدُهُمَا: حَفِظُ أَنْسَابِهِمْ.

وَالثَّانِي: أَنْ تُعْرَفَ فُرُشُ وِلَادَتِهِمْ؛ لِوُجُوبِ حُرْمَتِهِمْ نُطَفًا، وَمَوْلُودِينَ، فَإِنِ ادَّعَوْا اتِّصَالَ قَوَاعِدِ أَنْسَابِهِمْ، وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِيهَا، لَزِمَ اعْتِبَارُهَا بِفُرُشِ وِلَادَتِهِمْ، فَإِنْ خَالَفْتَ مَا تَعَارَفُوا عَلَيْهِ حُمِلُوا فِي أَنْسَابِهِمْ عَلَى مَا أَوْجَبَهُ عَلَى فُرُشِ وِلَادَتِهِمْ، وَأُبْطِلَ تَصَادُقُهُمْ عَلَى مَا خَالَفَهَا، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فِي فُرُشِ وِلَادَتِهِمْ مَا يخَالَفَهَا، حُمِلُوا فِيهَا عَلَى تَصَادُقِهِمْ، وَحُفِظَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْسَابُ الَّتِي تَصَادَقُوا عَلَيْهَا، وَيَسْتَوِي فِيهَا الْمُتَلَاصِقَةُ كَالْآبَاءِ مَعَ الْأَبْنَاءِ، وَالْأَنْسَابِ الْمُنْفَصِلَةِ، كَالْأُخْوَةِ، وَالْأَعْمَامِ، إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ مِنَ الْفُرُشِ مَا يُخَالِفُهُمْ، فَإِنْ رَجَعُوا بَعْدَ التَّصَادُقِ فَتَكَاذَبُوا، كَانَ التَّكَاذُبُ مردودا بالتصادق، لأن الإنكار يعلو الْإِقْرَارَ مَرْدُودٌ، إِلَّا أَنْ يُقَدِّمَ بَيِّنَةً بِخِلَافِ مَا تَصَادَقُوا عَلَيْهِ، فَيُحْكَمُ بِهَا.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُمُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ وِلَادَةِ الشِّرْكِ، فَعَلَيْنَا حِفْظُ أَنْسَابِهِمْ، بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِحُرْمَتِهِمْ بِالْإِسْلَامِ، وَلَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَبِرَهَا بِفُرِشِ وِلَادَتِهِمْ، بِسُقُوطِ حُرْمَةِ نُطَفِهِمْ بِالشِّرْكِ، فَحُمِلُوا فِي الْأَنْسَابِ عَلَى تَصَادُقِهِمْ، وَتُحْفَظُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ التَّصَادُقِ بِوُجُوبِ حُرْمَتِهِمْ مَوْجُودِينَ وَسُقُوطِهَا نُطَفًا.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُمُ الْمُشْرِكُونَ، فَلَا يَلْزَمُنَا حِفْظُ أَنْسَابِهِمْ نُطَفًا، وَلَا مَوْلُودِينَ؛ لِسُقُوطِ حُرْمَتِهِمْ فِي الْحَالَيْنِ، فَإِذَا تَصَادَقُوا فِي أَنْسَابِهِمْ لَمْ يُعْتَرَضْ فِيهَا عَلَيْهِمْ، وَكَانُوا فِيهَا مَحْمُولِينَ عَلَى تَصَادُقِهِمْ وَإِنْ تَكَاذَبُوا فِيهَا، بَطَلَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَصَادُقِهِمْ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فِيهِمْ أَلْزَمُ مِنَ الْآخَرِ، فَإِنْ تَحَاكَمُوا فِيهَا إِلَيْنَا، حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ بِمَا يَكُونُونَ عَلَيْهِ بَعْدَ التَّحَاكُمِ مِنَ التَّصَادُقِ، أَوِ التَّكَاذُبِ.

(فَصْلٌ)

: وإذا ثبت ما قررناه من أُصُولِ الْأَقْسَامِ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ عُمُومًا وَخُصُوصًا، وَحَضَرَ مِنْهُمْ مَنْ لَا رِقَّ عَلَيْهِ، وَلَا وَلَاءَ، فَادَّعَى نَسَبَ لَقِيطٍ لَا رِقَّ عَلَيْهِ، وَلَا وَلَاءَ نُظِرَ فِي دَعْوَاهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>