للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ فَمِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمَّا تَبَرَّعَ رَسُولُ الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِتَحَمُّلِ الدِّيَةِ عَنْهُ جَازَ أَنْ يَتَبَرَّعَ بِالزِّيَادَةِ تَأَلُّفًا لِقَوْمِهِمَا.

وَالثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَا أَسْلَمَا بَعْدَ الْجُرُوحِ وَقَبْلَ مَوْتِهِمَا فَكَمُلَ بِالْإِسْلَامِ دِيَتُهُمَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قِيَاسِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِعِلَّةِ أَنَّهُ مَحْقُونُ الدَّمِ عَلَى التَّأْبِيدِ فَفَاسِدٌ بِالْمَرْأَةِ والعبد، لا يقتضي حقن دماهما عَلَى التَّأْبِيدِ كَمَالَ دِيَتِهِمَا، كَذَلِكَ الذِّمِّيُّ، عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى فِي الْمُسْلِمِ كَمَالُ سَهْمِهِ فِي الْغَنِيمَةِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِ بِالْعَبْدِ فِي اسْتِوَاءِ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ فِي كَمَالِ قِيمَتِهِ فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا تَسَاوَى فِيهِمَا الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى تَسَاوَى فِيهِمَا الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، وَلِمَا اخْتَلَفَ فِي الدِّيَةِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى اخْتَلَفَ فِيهَا الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ، وَكَذَلِكَ الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِ بِالْكَفَّارَةِ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْتَنِعِ التَّسَاوِي فِيهَا مِنِ اخْتِلَافِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فِي الدِّيَةِ كَذَلِكَ تَسَاوِي الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ فِيهَا لَا يَمْنَعُ مِنِ اخْتِلَافِهِمَا فِي الدِّيَةِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِهِمْ بِالْفِسْقِ فَهُوَ أَنَّ الْفِسْقَ لا يسلبه أحكام الإسلام فساوى فِي الدِّيَةِ وَالْكُفْرُ يَسْلُبُ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ فَخَالَفَ فِي الدِّيَةِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ ضَمَانِ مَالِهِ كَالْمُسْلِمِ فَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَخْتَلِفْ ضَمَانُهُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ لَمْ يَخْتَلِفْ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ ضَمَانُ الدِّيَةِ فِي حَقِّ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ اخْتَلَفَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَدِيَةُ الْمَجُوسِيِّ ثَمَانِمَائَةِ دِرْهَمٍ وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَاحْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اخْتُلِفَ فِي دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ فَجَعَلَهَا أَبُو حَنِيفَةَ كَدِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَجَعَلَهَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نِصْفَ دِيَةِ الْمُسْلِمِ كَالْيَهُودِيِّ والنصراني عنده، وهي عند الشافعي ثمان مائة دِرْهَمٍ، ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ، وَتَكُونُ مِنَ الْإِبِلِ سِتَّةَ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثَيْنِ، وَمِنِ الدَّنَانِيرِ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَانِ، لِرِوَايَةِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَعَلَ دِيَةَ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ أَرْبَعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ والمجوسي ثمان مائة دِرْهَمٍ.

وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَنَّ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>