للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ لِعَبِيدِهِ: مَنْ بَشَّرَنِي مِنْكُمْ بِخَبَرِ زَيْدٍ فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنْ بِشَّرَهُ أَحَدُهُمْ بِخَبَرٍ سَارٍّ لِزَيْدٍ عُتِقَ، وَإِنْ بِشَّرَهُ بِخَبَرٍ مَكْرُوهٍ لِزَيْدٍ، فَفِي حِنْثِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَقُ، لِأَنَّ الْبِشَارَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ تَغَيُّرِ الْبَشَرَةِ، وَقَدْ تَتَغَيَّرُ بِالْمَكْرُوهِ كَمَا تَتَغَيَّرُ بِالسَّارِّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُعْتَقُ، لِأَنَّ الْبِشَارَةَ قَدْ صَارَتْ فِي الْعُرْفِ لِلسَّارِّ مِنَ الْأَخْبَارِ دُونَ الْمَكْرُوهِ.

وَالصَّحِيحُ أَنْ يُنْظَرَ حَالُ الْحَالِفِ مَعَ زَيْدٍ، فَإِنْ كَانَ صَدِيقًا لَهُ لَمْ يُعْتَقْ بِالْخَبَرِ الْمَكْرُوهِ، وَإِنْ كَانَ عَدُوًّا لَهُ عُتِقَ بِالْخَبَرِ المكروه، لأن بَشَّرَهُ، فَصَارَ بِشَارَةً عِنْدَهُ.

وَلَوْ كَانَ عَدُوًّا، فَبَشَّرَهُ بِخَبَرٍ سَارٍّ عُتِقَ، وَإِنْ سَاءَهُ الْخَبَرُ، لِأَنَّهُ فِي الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ بِشَارَةٌ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ الْخَبَرُ الَّذِي يُعْتَقُ بِهِ، فَإِنْ بَشَّرَهُ وَاحِدٌ مِنْ عَبِيدِهِ عُتِقَ، وَإِنْ بَشَّرَهُ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ عَبِيدِهِ، فَإِنْ تَقَدَّمَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ عُتِقَ الْأَوَّلُ دُونَ غَيْرِهِ، لِأَنَّ الْبِشَارَةَ تَكُونُ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ بَشَّرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ عُتِقُوا جَمِيعًا.

وَإِنْ بَشَّرَهُ جَمِيعُ عَبِيدِهِ فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يُعْتَقْ وَاحِدٌ مِنْهُمْ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: " مَنْ بَشَّرَنِي مِنْكُمْ " يَقْتَضِي التَّبْعِيضَ دُونَ الْجَمِيعِ.

وَلَوْ قَالَ: مَنْ أَخْبَرَنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ، فَأَخْبَرَهُ جَمِيعُهُمْ بِقُدُومِهِ عَلَى اجْتِمَاعٍ أَوِ انْفِرَادٍ عُتِقُوا جَمِيعًا، لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يُخْبِرُ بِخِلَافِ الْبِشَارَةِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ، وَلَا يَلْزَمُ تَبْعِيضُهُمْ، لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْ فِيهِ حَرْفَ التَّبْعِيضِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ:)

وَإِذَا قَالَ: مَنْ يَسْبِقْ بِدُخُولِ الدَّارِ مِنْ عَبِيدِي، فَهُوَ حُرٌّ، فَأَيُّهُمْ سَبَقَ بِالدُّخُولِ عُتِقَ، وَلَمْ يُعْتَقْ مَنْ بَعْدَهُ، فَإِنْ سَبَقَ بِالدُّخُولِ اثْنَانِ مَعًا، ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُمَا ثَالِثٌ عُتِقَ الْأَوَّلَانِ دُونَ الثَّالِثِ، لِأَنَّهُمَا سَبَقَاهُ.

وَلَوْ لَمْ يَدْخُلْ بَعْدَهُمَا ثَالِثٌ، لَمْ يُعْتَقَا، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا سَابِقٌ.

وَلَوْ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، فَدَخَلَهَا وَاحِدٌ مِنْهُمْ، وَلَمْ يَدْخُلْهَا غَيْرُهُ فَفِي عِتْقِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَقُ، لِأَنَّهُ أَوَّلٌ.

وَالثَّانِي: لَا يُعْتَقُ، لِأَنَّ الْأَوَّلَ مَا تَعَقَّبَهُ آخَرُ.

وَلَوْ قَالَ: آخِرُ مَنْ يَدْخُلُ الدَّارَ مِنْ عَبِيدِي حُرٌّ، فَدَخَلَهَا اثْنَانِ وَاحِدٌ بعد واحد. فإن لم يكن له غَيْرُهُمَا عُتِقَ الثَّانِي مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ غَيْرُهُمَا لَمْ يُعْتَقِ الثَّانِي إِلَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>