الْمُخْرِجِ السَّابِقِ وَالْمُحَلِّلِ، وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ خَيْرَانِ يكون جميعه للمحلل دون المخرج السابق.
والحالة السَّادِسَةُ: أَنْ يَسْبِقَ أَحَدُ الْمُخْرِجَيْنِ ثُمَّ الْمُحَلِّلُ بَعْدَهُ ثُمَّ الْمُخْرِجُ الْآخَرُ بَعْدَ الْمُحَلِّلِ، فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ يَكُونُ مَالُ الْمَسْبُوقِ لِلْمُخْرِجِ الْأَوَّلِ لِسَبْقِهِ، وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ خَيْرَانِ لِلْمُحَلِّلِ دُونَ السابق.
والحالة السابعة: يَسْبِقُ أَحَدُ الْمُخْرِجَيْنِ ثُمَّ يَتْلُوهُ الْمُخْرِجُ الثَّانِي، وَيَتَأَخَّرُ عَنْهَا الْمُحَلِّلُ: فَعَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ: يَسْتَحِقُّ السَّابِقُ مَالَ الْمَسْبُوقِ، وَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ خَيْرَانِ لَا يَسْتَحِقُّهُ السَّابِقُ، لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُ، وَلَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُحَلِّلُ، لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ، وَيَكُونُ مُقِرًّا عَلَى الْمَسْبُوقِ، ثُمَّ عَلَى قِيَاسِ هَذَا فِي اعتبار المذهبين.
[(مسألة:)]
قال الشافعي: " وَالسَّبْقُ أَنْ يَسْبِقَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ وَأَقَلُّ السَّبْقِ أَنْ يَسْبِقَ بِالْهَادِي أَوْ بَعْضِهِ أَوْ بِالْكَتَدِ أَوْ بَعْضِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَالسَّبْقُ ضَرْبَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِأَقْدَامٍ مَشْرُوطَةٍ كَاشْتِرَاطِهِمَا السَّبْقَ بِعَشَرَةِ أَقْدَامٍ، وَلَا يَتِمُّ السَّبَقُ إِلَّا بِهَا، وَلَوْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا بِتِسْعَةِ أَقْدَامٍ لَمْ يَكُنْ سَابِقًا فِي اسْتِحْقَاقِ الْبَدَلِ، وَإِنْ كَانَ سَابِقًا فِي الْعَمَلِ.
وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا بِغَيْرِ شَرْطٍ فَيَكُونُ سَابِقًا بِكُلِّ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: " أَوَّلُ السَّبْقُ أَنْ يَسْبِقَ بِالْهَادِي أَوْ بَعْضِهِ أَوْ كَالْكَتَدِ أَوْ بَعْضِهِ ".
فَأَمَّا الْهَادِي فَهُوَ الْعُنُقُ، وَأَمَّا الْكَتَدُ يُقَالُ بِفَتْحِ التَّاءِ وَكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ وَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْكَتِفُ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَا بَيْنَ أَصْلِ الْعُنُقُ وَالظَّهْرِ، وَهُوَ مُجْتَمَعُ الْكَتِفَيْنِ فِي مَوْضِعِ السَّنَامِ مِنَ الْإِبِلِ، فَجَعَلَ الشَّافِعِيُّ أَقَلَّ السَّبْقِ بِالْهَادِي وَالْكَتَدِ.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: أَقَلُّ السَّبْقِ بِالرَّأْسِ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: أَقَلُّ السَّبَقِ بِالْأُذُنِ اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنَّهُ قَالَ: " بُعِثْتُ وَالسَّاعَةَ كَفَرَسَيْ رهانٍ كَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَسْبِقَ الْآخَرَ بِأُذُنِهِ ". وَالْمَقْصُودُ بِهَذَا الْخَبَرِ ضَرْبُ الْمَثَلِ عَلَى وَجْهِ الْمُبَالَغَةِ، وَلَيْسَ بِحَدٍّ لِسَبْقِ الرِّهَانِ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من بنى لله بيتاً ولو كمفحص قطاةٍ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ " وَإِنْ كَانَ بَيْتٌ لَا يُبْنَى كَمِفْحَصِ الْقَطَاةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُعْتَبَرْ بِالْأُذُنِ كَمَا قَالَ الْمُزَنِيُّ، وَلَا بِالرَّأْسِ كَمَا قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، لِأَنَّ مِنَ الْخَيْلِ مَا يُزْجِى أُذُنَهُ، وَرَأْسَهُ، فَيَطُولُ وَمِنْهَا مَا