للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن يكون مراحها في أقبية أَهْلِهَا بِالْبَادِيَةِ بِحَيْثُ يُدْرِكُهَا الصَّوْتُ فَاجْتِمَاعُهَا فِيهِ حِرْزٌ لَهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُرَاحُهَا فِي الصَّحْرَاءِ عَلَى بُعْدٍ مِنْ بُيُوتِ أَهْلِهَا، فَحِرْزُهَا فِيهِ مُعْتَبَرٌ بشرطين:

أحدهما: اجتماعهما فِيهِ بِحَيْثُ يَحُثُّ بَعْضُهَا بِحَرَكَةِ بَعْضٍ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مَعَهَا رَاعٍ يَحْفَظُهَا، فَإِنْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا لَمْ يَحْتَجْ مَعَ الِاسْتِيقَاظِ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ نَامَ احْتَاجَ مَعَ نَوْمِهِ إِلَى شَرْطٍ ثَالِثٍ وَهُوَ مَا يُوقِظُهُ إِنْ سُرِقَتْ مِنْ كِلَابٍ تَنْبَحُ، أَوْ أَجْرَاسٍ تَتَحَرَّكُ، فَإِنْ أَخَلَّ بِهَذَا عِنْدَ نَوْمِهِ لَمْ يَكُنْ حِرْزًا وَلَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهَا.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا أَلْبَانُ الْمَوَاشِي إِذَا احْتَلَبَهَا مِنْ ضُرُوعِهَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْمَوَاشِي فِي حِرْزٍ فَلَا قَطْعَ فِي أَلْبَانِهَا كَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا لَوْ سُرِقَتْ قَطْعٌ، وَإِنْ كانت في حرز من مراح أو مرعى فضروع المواشي حرز ألبانها، فَيُنْظَرُ فَإِنْ بَلَغَ لَبَنُ الْبَهِيمَةِ الْوَاحِدَةِ نِصَابًا قُطِعَ، وَإِنْ لَمْ يَكْمُلِ النِّصَابُ إِلَّا بِاحْتِلَابِ جَمَاعَةٍ مِنْهَا فَفِي قَطْعِهِ إِذَا احْتَلَبَهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهَا سَرِقَاتٌ مِنْ أَحْرَازٍ؛ لِأَنَّ كُلَّ ضَرْعٍ حِرْزُ لَبَنِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ الْمُرَاحَ حِرْزٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِهَا، وَهُوَ لو سرق جماعة تبلغ نصاباً قطع، وكذلك إِذَا احْتَلَبَ أَلْبَانَ جَمَاعَةٍ تَبْلُغُ نِصَابًا قُطِعَ.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " ولو ضرب فسطاطاً وآوى فيه متاعه فاضطجع فسرق الفسطاط والمتاع مِنْ جَوْفِهِ قُطِعَ لِأَنَّ اضْطِجَاعَهُ حِرْزٌ لَهُ ولما فيه إلا أن الْأَحْرَازَ تَخْتَلِفُ فَيُحْرَزُ كُلٌّ بِمَا تَكُونُ الْعَامَّةُ تحرز مثله) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا نَوْعٌ رَابِعٌ مِنَ الْأَحْرَازِ وَهُوَ إِذَا حَطَّ الْمُسَافِرُ مَتَاعَهُ فِي سَفَرِهِ فِي مَنْزِلِ اسْتِرَاحَةٍ فَضَرَبَ فُسْطَاطًا أَوْ خَيْمَةً مِنْ جُلُودٍ أَوْ شِعْرٍ أَوْ خَرْقٍ فَشَدَّ أَطْنَابَهُ وَأَرْسَى أَوْتَادَهُ كَانَ هَذَا حِرْزًا لِلْفُسْطَاطِ، إِذَا كَانَ صَاحِبُهُ يَرَاهُ، سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ أَوْ خَارِجًا مِنْهُ، فَإِنْ سُرِقَ هَذَا الْفُسْطَاطُ قُطِعَ سَارِقُهُ، فَإِنْ أَحْرَزَ فِي الْفُسْطَاطِ مَتَاعَهُ لم يكن المتاع محرزاً إِلَّا أَنْ يَكُونَ صَاحِبُهُ مَعَهُ فِي الْفُسْطَاطِ مُضْطَجِعًا عَلَيْهِ إِنْ كَانَ نَائِمًا، أَوْ نَاظِرًا إِلَيْهِ إِنْ كَانَ مُسْتَيْقِظًا فَإِنْ سُرِقَ مِنَ المتاع وهو على هذه الصفة والفسطاط قُطِعَ سَارِقُهُ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ حِرْزًا لِغَيْرِهِ كان حرزاً لنفسه.

[(مسألة)]

قال الشافعي: " وَلَوِ اضْطَجَعَ فِي صَحْرَاءَ وَوَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا نَوْعٌ خَامِسٌ مِنَ الْأَحْرَازِ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ فِي صَحْرَاءَ فَيَكُونُ حِرْزًا لِثِيَابِهِ الَّتِي هُوَ لَابِسُهَا، سَوَاءٌ كَانَ نَائِمًا أَوْ مُسْتَيْقِظًا، فَأَمَّا ثِيَابُهُ الَّتِي لَمْ يلبسها، فإن

<<  <  ج: ص:  >  >>