للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ ضِمْنَهُ عَنْهُ فِي حَالٍ لَا يَثْبُتُ لَهُ حَقٌّ فِي ذِمَّةِ سَيِّدِهِ، فَاعْتَبَرَ أَبُو حَامِدٍ حَالَ الضَّمَانِ وَأَبُو الْعَبَّاسِ حَالَ الْأَدَاءِ.

(فَصْلٌ)

وَالْفَصْلُ الثَّالِثُ هُوَ أَنْ يَضْمَنَ الْعَبْدُ مَالًا لِسَيِّدِهِ عَنْ أَجْنَبِيٍّ، فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ ضَمَانَهُ بَاطِلٌ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَثْبُتُ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ مَالٌ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ ضَمَانُهُ لِسَيِّدِهِ جَائِزٌ لِأَنَّ السَّيِّدَ إِنَّمَا لَا يَصِحُّ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ فِي رَقَبَةِ عَبْدِهِ مَالٌ، لِأَنَّهُ يَمْلِكُ الرَّقَبَةَ، وَيَصِحُّ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ مَالٌ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الذِّمَّةَ ثُمَّ لَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُطَالِبَ عَبْدَهُ بِالضَّمَانِ إِلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ فَإِنْ كَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ يَقُولُ فِي مُبَايَعَةِ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ مِثْلَ مَا يَقُولُ فِي الضَّمَانِ، فَقَدْ جَرَى عَلَى الْقِيَاسِ وَكَانَ لِقَوْلِهِ وَجْهٌ وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ مِنْ مُبَايَعَتِهِ، فَقَدْ نَاقَضَ وَفَسَدَ مَذْهَبُهُ، وَلَسْتُ أَعْرِفُ عَنْهُ فِي الْبَيْعِ نَصًّا إِلَّا مَا حُكِيَ عَنْهُ، مِنْ تَجْوِيزِهِ بَيْعَ السَّيِّدِ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَيَصِيرُ الْعَبْدُ بِابْتِيَاعِ نَفْسِهِ حُرًّا، وَيُؤَدِّي عَنْ نَفْسِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ، وَمَنَعَ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْ بَيْعِ السَّيِّدِ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ عَلَيْهِ غَيْرَ نَفْسِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَبُو الْعَبَّاسِ تَرَكَ الْقِيَاسَ وَتَخَيَّرَ الْأَمْرَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُفَرِّقَ بينهما بأن بيع نفسه عليه مفضي إِلَى عِتْقِهِ فَجَازِ، وَبَيْعَ غَيْرِ نَفْسِهِ عَلَيْهِ لَا يُفْضِي إِلَى عِتْقِهِ فَلَمْ يَجُزْ لِفَقْدِ مَزِيَّةِ الْعِتْقِ.

(فَصْلٌ)

وَالْفَصْلُ الرَّابِعُ وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ مَالًا لِأَجْنَبِيٍّ فَيَجُوزُ ضَمَانُهُ عَنْهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَلْزَمُهُ الدَّيْنُ كما لزم الحر والعبد لَا يَلْزَمُهُ دَيْنُ عَبْدِهِ فَجَازَ أَنْ يَلْتَزِمَهُ بضمانه فَإِنْ أَدَّاهُ السَّيِّدُ عَنْ عَبْدِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ أَدَّاهُ بَعْدَ عِتْقِهِ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ يَرْجِعُ بِهِ اعْتِبَارًا بِحَالِ الْأَدَاءِ.

وَالثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الضَّمَانِ.

(فَصْلٌ)

وَالْفَصْلُ الْخَامِسُ أَنْ يَضْمَنَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ مَالًا عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَبْدِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ تِجَارَةٍ، مَأْذُونًا فِيهَا أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ، لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِسَيِّدِهِ فَصَارَ ضَمَانُ السَّيِّدِ لِعَبْدِهِ كَضَمَانِهِ لِنَفْسِهِ فَبَطَلَ.

وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فَفِي ضَمَانِ السَّيِّدِ لَهُ وَجْهَانِ، مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي غُرَمَاءِ الْعَبْدِ هَلْ يَسْتَحِقُّونَ حَجْرًا عَلَيْهِ بِدُيُونِهِمْ أَمْ لَا فَإِنْ قِيلَ لَا حَجْرَ لَهُمْ عَلَيْهِ فَضَمَانُ السَّيِّدِ لَهُ بَاطِلٌ وَإِنْ قِيلَ لَهُمْ حَجْرٌ عَلَيْهِ فَضَمَانُ السَّيِّدِ لَهُ جَائِزٌ.

فَإِنْ قَضَى الْعَبْدُ دَيْنَهُ بَرِئَ السَّيِّدُ مِنْ ضَمَانِهِ إِلَّا أَنْ يَقْضِيَهُ الْعَبْدُ بَعْدَ عِتْقِهِ فَلَا يَبْرَأَ السَّيِّدُ مِنْ ضَمَانِهِ وَعَلَيْهِ أَدَاءُ ذَلِكَ إِلَى الْعَبْدِ بَعْدَ عِتْقِهِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَكَذَلِكَ ضَمَانُ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>