قَبْلَ اللِّعَانِ لِأَنَّهُ انْتَفَى عَنْهُ بِاللِّعَانِ، وَيَخْتَلِفُ حُكْمُ الْوَلَدَيْنِ فِي الِاسْتِلْحَاقِ، فَإِنِ اسْتَلْحَقَ الْأَوَّلَ لَحِقَ بِهِ، لِأَنَّهُ انْتَفَى عَنْهُ بِاللِّعَانِ وَإِنِ اسْتَلْحَقَ الثَّانِيَ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ لِأَنَّهُ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِغَيْرِ لِعَانٍ.
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَنْفِيَ بِلِعَانِهِ وَلَدًا، فَإِذَا اعْتَدَّتْ مِنْ فُرْقَةِ اللِّعَانِ بِالْأَقْرَاءِ ثُمَّ وَضَعَتْ بَعْدَهُ وَلَدًا ثَانِيًا لَمْ يَخْلُ وَضْعُهُ مِنْ ثَلَاثة أَحْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ.
وَالثَّانِي: أَنْ تَضَعَهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا إِلَى أَرْبَعِ سِنِينَ.
وَالثَّالِث: أَنْ تَضَعَهُ لِأَرْبَعِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ.
فَأَمَّا الْحَالُ الْأُولَى: وَهُوَ أَنْ تَضَعَهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَتَّى يَنْفِيَهُ بِلِعَانٍ ثَانٍ، بِخِلَافِ الْتِعَانِهِ مِنَ الْحَمْلِ، لِأَنَّ الْتِعَانَهُ مِنَ الْحَمْلِ مُتَوَجَّهٌ إِلَى مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْبَطْنُ مِنْ وَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ فَانْتَفَى جَمِيعُهُمْ بِاللِّعَانِ الْوَاحِدِ، وَإِذَا كَانَ اللِّعَانُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ، كَانَ النَّفْيُ مَقْصُورًا عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ اللِّعَانُ، وَلَمْ يَتَضَمَّنْ إِلَّا الْأَوَّلَ فَانْتَفَى عَنْهُ دُونَ الثَّانِي، فَإِنِ اعْتَرَفَ بِالثَّانِي أَوْ لَمْ يَعْتَرِفْ بِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يُلَاعِنْ مِنْهُ لَحِقَ بِهِ الثَّانِي وَالْأَوَّلُ جَمِيعًا لِأَنَّهُمَا مِنْ حَمْلٍ وَاحِدٍ حَيْثُ كَانَ بَيْنَهُمَا أَقَلُّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، وَالْحَمْلُ الْوَاحِدُ لَا يَتَبَعَّضُ فِي اللُّحُوقِ بِاثْنَيْنِ كَمَا لَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ الْوَاحِدُ بِاثْنَيْنِ فَجَعَلْنَا الْأَوَّلَ تَبَعًا لِلثَّانِي فِي الِاسْتِلْحَاقِ وَلَمْ نَجْعَلِ الثَّانِيَ تَبَعًا لِلْأَوَّلِ فِي النَّفْيِ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ حُكْمَ الِاسْتِلْحَاقِ [بَعْدَ النَّفْيِ جَائِزٌ، وَالنَّفْيُ بَعْدَ الِاسْتِلْحَاقِ غَيْرُ جَائِزٍ.
وَالثَّانِي: أَنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُ بِالْإِمْكَانِ وَلَا يَنْتَفِي بِالْإِمْكَانِ، فَيَغْلُظُ بِهَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ حُكْمُ الِاسْتِلْحَاقِ] وَعَلَى حُكْمِ النَّفْيِ فَصَارَ الْأَغْلَظُ مَتْبُوعًا وَالْأَخَفُّ تَابِعًا فَإِذَا لَحِقَهُ لم
يحد لقذف الأم لِأَنَّ لُحُوقَ الْوَلَدِ لَا يَقْتَضِي تَكْذِيبَهُ فِي الْقَذْفِ، كَمَا لَوْ لَاعَنَ مِنْهَا وَلَمْ يَنْفِ وَلَدَهَا.
وَأَمَّا الْحَالُ الثَّانِيَةُ: فَهُوَ أَنْ تَضَعَ الثَّانِيَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مِنْ وِلَادَةِ الْأَوَّلِ وَلِدُونِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَقْتِ اللِّعَانِ فَيَكُونُ الْوَلَدُ الثَّانِي مِنْ حَمْلٍ ثَانٍ، وَلَا يَكُونُ مِنْ حَمْلِ الْوَلَدِ الْأَوَّلِ فَيَصِيرُ الْوَلَدُ الثَّانِي لَاحِقًا بِهِ دُونَ الْأَوَّلِ مَا لَمْ تَصِرْ ذَاتَ زَوْجٍ يَلْحَقُهُ وَلَدُهَا، لِأَنَّ وَلَدَ الْمَبْتُوتَةِ يَلْحَقُ بِزَوْجِهَا إِلَى أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ فِرَاقِهِ مَا لَمْ تَتَزَوَّجْ، فَإِنْ قِيلَ: أَفَلَيْسَ قَدْ نَفَيْتُمْ عَنْهُ إِذَا الْتَعَنَ مِنَ الْحَمْلِ مَنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ؟ .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute