بَابُ مَنْ هُوَ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَالْوَلِيُّ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ مِنَ الْوَالِي لِأَنَّ هَذَا من الأمور الخاصة ".
مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْجَدِيدِ: أَنَّ الْوَلِيَّ الْمُنَاسِبَ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ وَالِي الْبَلَدِ، وَسُلْطَانِهِ وَقَالَ أبو حنيفة وَالِي الْبَلَدِ وَسُلْطَانُهُ أَوْلَى بِالصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ مِنْ سَائِرِ أَوْلِيَائِهِ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: اسْتِدْلَالًا بِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " لَا يَؤُمَّنَّ رجلٌ رَجُلًا فِي سُلْطَانِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ".
وَرُوِيَ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ - عليهما السلام - قَدَّمَ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ حَتَّى صَلَّى عَلَى أَخِيهِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ وَقَالَ: " لَوْلَا السُّنَّةُ لَمَا قَدَّمْتُكَ " وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ سُنَّ لَهَا الْجَمَاعَةُ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَالِي بِإِقَامَتِهَا أَوْلَى مِنَ الْوَلِيِّ، كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَوَجَّهَ فِي الْجَدِيدِ عُمُومَ قوله تعالى: {وَأَولوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ) {الأنفال: ٧٥) وَلِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ بِالنَّسَبِ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ أَحَقَّ مِنَ الْوَالِي كَالنِّكَاحِ، وَلِأَنَّ كُلَّ مَنْ تَقَدَّمَ عَلَى غَيْرِهِ فِي النِّكَاحِ تَقَدَّمَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ، كَالْقَرِيبِ عَلَى الْبَعِيدِ، وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ الِاسْتِغْفَارُ وَالتَّرَحُّمُ وَالِاسْتِكْثَارُ مِنَ الدُّعَاءِ.
وَلِهَذَا كَانَ الْأَبُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ أَشْفَقُ وَأَحْنَى وَأَرَقُّهُمْ عَلَيْهِ، قُلْنَا فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ الْوَلِيُّ أَوْلَى لِاخْتِصَاصِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى.
فَأَمَّا الْخَبَرُ فمحمول على الصلوات المفروضات.
وأما تقديم الحسين عَلَيْهِ السَّلَامُ لِسَعِيدٍ، وَقَوْلُهُ: لَوْلَا السُّنَّةُ لَمَا قَدَّمْتُكَ، يَعْنِي: أنَّ مِنَ السُّنَّةِ تَقْدِيمَ الْوُلَاةِ عَلَى طَرِيقِ الْأَدَبِ لَا الْوَاجِبُ، أَلَا تَرَى أَنَّ سَعِيدًا اسْتَأْذَنَ الْحُسَيْنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ حَقًّا لَهُ لَمَا اسْتَأْذَنَ فِيهِ، وَأَمَّا قِيَاسُهُ عَلَى سَائِرِ الصَّلَوَاتِ، فَالْمَعْنَى فِيهَا ثُبُوتُ الْحَقِّ فِيهَا، بِالْوِلَايَةِ دون النسب.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute