[مسألة]
قال المزني رحمه الله تعالى: " وَلَوْ سَاقَاهُ عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ يُسَاقِيَهُ فِي حائطٍ آخَرَ عَلَى الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ كَالْبَيْعَتَيْنِ فِي بيعةٍ وَلَهُ فِي الْفَاسِدِ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُمَا مَسْأَلَتَانِ إِحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ لِرَبِّ النَّخْلِ حَائِطٌ شَرْقِيٌّ وَلِلْعَامِلِ حَائِطٌ غَرْبِيٌّ، فَيَقُولَ رَبُّ النَّخْلِ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى حَائِطَيِ الشَّرْقِيِّ عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ تُسَاقِيَنِي أَيُّهَا الْعَامِلُ عَلَى حَائِطِكَ الْغَرْبِيِّ عَلَى الثُّلُثِ، فَهَذَا بَاطِلٌ، وَهُوَ كَالْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، فِي الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى، لِأَنَّ قَوْلَهُ قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى أَنْ تُسَاقِيَنِي كَقَوْلِهِ بِعْتُكَ دَارِي عَلَى أَنْ تَبِيعَنِي عَبْدَكَ.
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ الْحَائِطَانِ مَعًا لِرَبِّ النَّخْلِ، أَحَدُهُمَا شَرْقِيٌّ وَالْآخَرُ غَرْبِيٌّ، فَيَقُولَ رَبُّ النَّخْلِ: قَدْ سَاقَيْتُكَ عَلَى حَائِطَيِ الشَّرْقِيِّ عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ أُسَاقِيَكَ عَلَى حَائِطَيِ الْغَرْبِيِّ عَلَى الثُّلُثِ، فَهَذَا بَاطِلٌ.
قَالَ الْمُزَنِيُّ وَهُوَ كَالْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي صِحَّةِ هَذَا التَّشْبِيهِ فِي الصُّورَةِ وَالْمَعْنَى، فَذَهَبَ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ إِلَى فَسَادِ هَذَا التَّشْبِيهِ وَأَنَّهُ فِي مَعْنَى بَيْعٍ وَشَرْطٍ لَا أَنَّهُ فِي مَعْنَى بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ.
وَذَهَبَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ إِلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ صَحِيحٌ، وَأَنَّهُ كَالْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ فِي الْمَعْنَى وَالصُّورَةِ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ أَنْ يُجْعَلَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ مَشْرُوطًا فِي الْآخَرِ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ فِيهِمَا وَاحِدًا أَوْ مُخْتَلِفًا وَإِنَّمَا فَسَدَتِ الْمُسَاقَاةُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنَ التَّشْبِيهِ بِالْبَيْعَتَيْنِ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ فِي الْآخَرِ يُوجِبُ اسْتِدْرَاكَ مَا حَصَلَ مِنْ زِيَادَةِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ مَجْبُورًا بِنَقْصِ الْعَقْدِ الثَّانِي، أَوِ اسْتِدْرَاكَ نُقْصَانِ الْأَوَّلِ مَجْبُورًا بِزِيَادَةِ الثَّانِي، فَصَارَ الْعِوَضُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَقْدَيْنِ مُعْتَبَرًا بِالشَّرْطِ فَبَطَلَ.
فَصْلٌ
: فَأَمَّا إِنْ قَالَ رَبُّ النَّخْلِ وَالْحَائِطَانِ جَمِيعًا لَهُ: قَدْ سَاقَيْتُكَ فِي حَائِطَيِ الشَّرْقِيِّ عَلَى النِّصْفِ، وَأُسَاقِيكَ عَلَى حَائِطَيِ الْغَرْبِيِّ عَلَى الثُّلُثِ وَلَمْ يَجْعَلْ أَحَدَ الْعَقْدَيْنِ شَرْطًا فِي الْآخَرِ صَحَّ الْعَقْدُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ نَاجِزٌ وَلَمْ يَصِحَّ الثَّانِي لِأَنَّهُ مُوعَدٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَصْلٌ
: وَإِذَا بَطَلَتِ الْمُسَاقَاةُ فِي إِحْدَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ بِمَعْنًى مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي، وَقَدْ عَمِلَ الْعَامِلُ فِي النَّخْلِ عَمَلًا فَلَا حَقَّ لَهُ فِي الثَّمَرَةِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ في العمل كالمضاربة.
[مسألة]
قال المزني رحمه الله تعالى: " فَإِنْ سَاقَاهُ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى النِّصْفِ وَالْآخَرُ نَصِيبَهُ عَلَى الثُّلُثِ جَازَ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا كَانَ النَّخْلُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ جَازَ أَنْ يُسَاقِيَا عَلَيْهَا رَجُلًا مُسَاقَاةً مُتَّفِقَةً وَمُخْتَلِفَةً، فَالْمُتَّفِقَةُ: أَنْ يُسَاقِيَاهُ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ مِنْ حِصَّةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَالْمُخْتَلِفَةُ: أَنْ يُسَاقِيَاهُ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمَا وَالثُّلُثَ مِنْ حِصَّةِ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا