مِنَ النَّفْسِ وَيَأْخُذَ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي الْيَدِ، وَبَيْنَ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهَا فَيَأْخُذَ نِصْفَ الدِّيَةِ فِي الْيَدِ، وَدِيَةً كَامِلَةً فِي النَّفْسِ، فَيَحْصُلُ لَهُ بِانْدِمَالِ الْيَدِ دِيَةٌ وَنِصْفٌ.
وَلَوْ لَمْ تَنْدَمِلِ الْيَدُ فَالْوَارِثُ بِالْخِيَارِ فِي الْقِصَاصِ بَيْنَ أربعة أشياء:
أحدها: أن يقتص من النفس واليد، فَيَسْتَوْفِيَ بِهِمَا حَقَّيِ الْقَطْعِ وَالذَّبْحِ. وَالثَّانِي: أَنْ يقتص من اليد، ويعفوا عَنِ الْقَوَدِ فِي النَّفْسِ فَيُحْكَمُ لَهُ بِدِيَةِ النَّفْسِ، وَعِنْدِي أَنَّهُ سَهْوٌ إِلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ.
وَالثَّالِثُ: أَنْ يَقْتَصَّ مِنَ النَّفْسِ، وَيَعْفُوَ عَنِ الْقِصَاصِ فِي الْعَبْدِ، فَيَسْقُطُ أَرْشُ الْيَدِ لِاخْتِصَاصِهَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ بِالْقِصَاصِ دُونَ الْأَرْشِ. وَالرَّابِعُ أَنْ يَعْفُوَ عَنِ الْقِصَاصِ فِي اليد والنفس فيحكم له بدية النفس، ويقسط أَرْشُ الْيَدِ لِدُخُولِهِ فِي دِيَةِ النَّفْسِ.
وَإِنْ كَانَ الذَّابِحُ أَجْنَبِيًّا اسْتَقَرَّ حُكْمُ الْقَطْعَيْنِ وَصَارَا وَإِنْ لَمْ يَنْدَمِلَا كَالْمُنْدَمِلَيْنِ لِمَا تَعَقَّبَهُمَا مِنَ التَّوْجِئَةِ الْقَاطِعَةِ لِسِرَايَتِهَا، وَكَانَ عَلَى الْقَاطِعِ الْأَوَّلِ لِلسَّيِّدِ نِصْفُ قِيمَتِهِ عَبْدًا دُونَ الْقَوَدِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةُ حُرٍّ عَلَى عَبْدٍ، وَعَلَى الْقَاطِعِ الثَّانِي لِلْوَارِثِ الْقِصَاصُ فِي الْيَدِ؛ فَإِنْ عَفَا عَنْهُ فَنِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا جِنَايَةٌ عَلَى حُرٍّ وَعَلَى الذَّابِحِ الْقَوَدُ فِي النَّفْسِ، فَإِنْ عَفَا الْوَارِثُ عَنْهُ فَلَهُ دِيَةُ النَّفْسِ كَامِلَةً، لِأَنَّهَا جِنَايَةُ حُرٍّ عَلَى حُرٍّ، وَلَا تَنْقُصُ بِالْمَأْخُوذِ مَنْ أَرْشِ الْيَدَيْنِ لِمَا جَرَى عَلَيْهِمَا مِنْ حُكْمِ الِانْدِمَالِ.
(فَصْلٌ)
وَيَتَفَرَّعُ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ أَنْ يَكُونَ عَبْدٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَيَقْطَعُ حُرٌّ إِحْدَى يَدَيْهِ، ثَمَّ يُعْتِقُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَيَأْتِي آخَرُ فَيَقْطَعُ يَدَهُ الْأُخْرَى، ثُمَّ يَمُوتُ، وَنِصْفُهُ حُرٌّ، وَنِصْفُهُ مَمْلُوكٌ، فَلَا قَوَدَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، لِبَقَاءِ الرِّقِّ فِي نِصْفِهِ، وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ نِصْفُ قِيمَتِهِ عَبْدًا مَا بَلَغَتْ، وَنِصْفُ دِيَتِهِ حُرًّا لِاسْتِقْرَارِهَا فِيهِ بَعْدَ عِتْقِ نِصْفِهِ وَرِقِّ نِصْفِهِ، وَيَتَحَمَّلُ الْقَاطِعَانِ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ فَيَكُونُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبْعُ الْقِيمَةِ وَرُبْعُ الدِّيَةِ، وَلَا يُفَضَّلُ وَاحِدٌ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتْ جِنَايَتُهُمَا فِي الرِّقِّ وَالْعِتْقِ، لِاسْتِقْرَارِهَا فِيمَنْ رَقَّ نِصْفُهُ وَعُتِقَ نِصْفُهُ، وَيَكُونُ لِلْمُسْتَرِقِّ مِنَ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفُ قِيمَتِهِ.
فَأَمَّا نِصْفُ الدِّيَةِ فَيَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُعَتِقُ وَالْوَارِثُ إِذَا جَعَلْنَا مَنْ عُتِقَ بَعْضُهُ مَوْرُوثًا فَيَأْخُذُ مِنْهَا الْمُعَتِقُ أَقَلَّ الأمرين من ربع قيمته عبدا، أو ربع دِيَتِهِ حُرًّا، لِأَنَّ إِحْدَى الْجِنَايَتَيْنِ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَالْأُخْرَى بَعْدَ عِتْقِهِ.
وَيَعُودُ عَلَى الْوَارِثِ رُبْعُ الدِّيَةِ، وَمَا فَضَلَ مِنْ رُبْعِ الْقِيمَةِ، إن كان.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute