وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ مُعَيَّنًا فَقُتِلَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَفِي بُطْلَانِ الصُّلْحِ بِقَتْلِهِ قَوْلَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي البيوع.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ وَقْتًا فَهِيَ عَارِيَةٌ إِنْ شَاءَ أَخْرَجَهُ مِنْهَا ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ: إِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ دَارًا فَاعْتَرَفَ بِهَا ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا الْمُقِرُّ سَنَةً كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا.
لِأَنَّ الصُّلْحَ إِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا عَاوَضَ عَلَى مَا يَمْلِكُ بِمَا لَا يَمْلِكُ. وَهَذَا قَدْ عَاوَضَ عَلَى مِلْكِهِ بِمِلْكِهِ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ دَارًا مَلَكَ سُكْنَاهَا.
فَإِنْ قِيلَ أَفَلَيْسَ لَوْ صَالَحَهُ عَلَى نِصْفِهَا جَازَ، قِيلَ قَدْ ذَكَرْنَا فِيهِ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ لِلْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا.
وَالثَّانِي: يَجُوزُ.
وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى النِّصْفِ هِبَةٌ. وَالْهِبَةُ لَازِمَةٌ فَصَارَ الصُّلْحُ بِهَا لَازِمًا وَالصُّلْحُ عَلَى السُّكْنَى عَارِيَةٌ وَالْعَارِيَةُ غَيْرُ لَازِمَةٍ فَصَارَ الصُّلْحُ بِهَا غَيْرَ لَازِمٍ، فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الصُّلْحَ بَاطِلٌ فَلِمَالِكِ الدَّارِ أَنْ يُسْكِنَهُ إِيَّاهَا إِنْ شَاءَ وَلَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهَا مَتَى شَاءَ كَالدَّارِ الْعَارِيَةِ وَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ.
فَلَوْ جُعِلَ الصُّلْحُ عَلَى السُّكْنَى شَرْطًا فِي إِقْرَارِهِ فَقَالَ قَدْ أَقْرَرْتُ لَكَ بِهَذِهِ الدَّارِ عَلَى أَنْ أَسْكُنَهَا سَنَةً بَطَلَ اشْتِرَاطُ السُّكْنَى وَالصُّلْحُ عَلَيْهِ.
فَأَمَّا الْإِقْرَارُ فَقَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيهِ:
فَذَهَبَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ خَيْرَانَ إِلَى بُطْلَانِهِ لِكَوْنِهِ إِقْرَارًا مُقَيَّدًا بِشَرْطٍ.
وَذَهَبَ سَائِرُ أَصْحَابِنَا إِلَى صِحَّةِ الْإِقْرَارِ وَلُزُومِهِ لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ بِشَرْطٍ فِي عَارِيَةٍ.
[(مسألة)]
قال الشافعي رضي الله عنه: " أو صَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ سَنَةً فَبَاعَهُ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ فِي أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَتَكُونَ الْخِدْمَةُ عَلَى الْعَبْدِ لِلْمُصَالَحِ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. إِذَا صَالَحَ الْمُقِرُّ بِالدَّارِ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ سَنَةً جَازَ الصُّلْحُ. لِأَنَّ الْمُقِرَّ عَاوَضَ عَلَى الدَّارِ بِمَا مَلَكَهُ مِنْ خِدْمَةِ الْعَبْدِ.
وَصَارَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالدَّارِ مُسْتَأْجِرًا لِلْعَبْدِ سَنَةً بِالدَّارِ الَّتِي قَدْ مَلَكَهَا بِالْإِقْرَارِ.