للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

: وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مُطْلِقَ الْوِلَايَةِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ، فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا حِينَ عَلَّقَ الشَّافِعِيُّ الْقَوْلَ فِيهِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ خَيْرَانَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ قَلَّ عَمَلُهُ أَوْ كَثُرَ. لِأَنَّ الْقَضَاءَ نِيَابَةٌ فَاعْتُبِرَ فِيهَا لَفْظُ الْمُسْتَنِيبِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيِّ إِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ، قَلَّ عَمَلُهُ أَوْ كَثُرَ اعْتِبَارًا بِعُمُومِ وِلَايَتِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّالِثُ: وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْبَصْرِيِّينَ: إِنَّ اسْتِخْلَافَهُ مُعْتَبَرٌ بِعَمَلِهِ فَإِنْ قَلَّ وَقَدَرَ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَسْتَخْلِفَ وَإِنْ كَثُرَ وَعَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ اعْتِبَارًا بِالْوَكِيلِ إِذَا وُكِّلَ فِي عَمَلٍ قَدَرَ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ وَإِنْ عَجَزَ عَنْ مُبَاشَرَتِهِ بِنَفْسِهِ جَازَ أَنْ يُوَكِّلَ فِيهِ فَعَلَى هَذَا فِيمَا يَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ مِنْ زِيَادَةِ الْعَمَلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ فِيمَا قَدَرَ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِالْحَاجَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عَلَى جَمِيعِهِ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهِ كَالْإِذْنِ فَعَلَى هَذَا إِنِ اسْتَخْلَفَ عَلَى مَا يَقْدِرُ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ جَازَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ خَلِيفَتَهُ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى سَلَامَتِهِ.

وَإِنِ اسْتَخْلَفَ فِيمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى مُبَاشَرَتِهِ فَفِي جَوَازِ عَزْلِهِ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى سَلَامَتِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَجُوزُ النِّيَابَةُ عَنْهُ كَالْوَكِيلِ.

وَالثَّانِي: لَا تَجُوزُ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عنه في حقوق المسلمين.

[(مسألة)]

: قال الشافعي: " لَوْ عُزِلَ فَقَالَ قَدْ كُنْتُ قَضَيْتُ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ لَمْ يُقْبَلْ إِلَا بِشُهُودٍ ".

قَالَ الماوردي: فالكلام فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ يَشْتَمِلُ عَلَى أَرْبَعَةِ فُصُولٍ:

أَحَدُهَا: فِي وِلَايَتِهِ.

وَالثَّانِي: فِي عَزْلِهِ.

وَالثَّالِثُ: فِي حُكْمِهِ.

وَالرَّابِعُ: فِي قَوْلِهِ.

فَأَمَّا الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي وِلَايَتِهِ فَمُعْتَبَرَةٌ بِمَا تَضَمَّنَهُ عَهْدُهُ مِنْ حُدُودِ الْعَمَلِ وَصِفَةِ النَّظَرِ مِنْ عُمُومٍ أَوْ خُصُوصٍ وَعَلَى الْإِمَامِ فِيهِ حَقٌّ وَعَلَى الْقَاضِي فِيهِ حَقٌّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>