للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثَانِيَةً مَعَ بَقَاءِ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ كَمَا يَفْدِي الْمُشْتَرِي عَبْدَهُ إِذَا جَنَى عَلَى الْبَائِعِ فَيَبِيعُهُ مِنْهُ ثَانِيَةً كَمَا يَفْدِيهِ مَعَ بَقَاءِ الْبَيْعِ الْأَوَّلِ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ اسْتِصْلَاحٌ لِلرَّهْنِ الْأَوَّلِ كَمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبْتَاعَهُ ثَانِيَةً فِي غَيْرِ الْجِنَايَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ اسْتِدْلَالِ الْمُزَنِيِّ: أَنَّهُ لَمَّا جَازَتِ الزِّيَادَةُ فِي الرَّهْنِ عَلَى دَيْنٍ وَاحِدٍ، جَازَتِ الزِّيَادَةُ فِي الدَّيْنِ عَلَى رَهْنٍ وَاحِدٍ. فَيُقَالُ: الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقٌ لِلرَّهْنِ وَلَيْسَ الرَّهْنُ مُسْتَغْرِقًا لِلدَّيْنِ بِدَلِيلِ أَنَّ سُقُوطَ الدَّيْنِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ، وَسُقُوطُ الرَّهْنِ لَا يُبْطِلُ الدَّيْنَ. فَلِذَلِكَ جَازَ دُخُولُ رَهْنٍ ثَانٍ عَلَى أَوَّلَ فِي دَيْنٍ وَاحِدٍ وَلَمْ يَجُزْ دُخُولُ دَيْنٍ ثَانٍ عَلَى أَوَّلَ فِي رَهْنٍ واحد.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ أَشْهَدَ الْمُرْتَهِنُ أَنَّ هَذَا الرَّهْنَ فِي يَدِهِ بِأَلْفَيْنِ جَازَتِ الشَّهَادَةُ فِي الْحُكْمِ فَإِنْ تَصَادَقَا فَهُوَ مَا قَالَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كما قال. فإذا ارْتَهَنَ عَبْدًا بِأَلْفٍ ثُمَّ حَصَلَتْ لَهُ أَلْفٌ أُخْرَى فَجُعِلَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِهَا وَبِالْأَلْفِ الْأُولَى ثُمَّ أَقَرَّ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ أَنَّ الْعَبْدَ رُهِنَ بِأَلْفَيْنِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ إِقْرَارُهُمَا بِذَلِكَ مُقَيَّدًا بِشَرْحِ الْحَالِّ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مُطْلَقًا.

فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ مُقَيَّدًا بِشَرْحِ مَا جَرَى مِنْ حَالِهِمَا نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ عِنْدَ حَاكِمٍ حَكَمَ عَلَيْهِمَا بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ كَانَ يَرَى قَوْلَهُ فِي الْقَدِيمِ حَكَمَ بِأَنَّ الْعَبْدَ رهن بألفين. وإن كان يرى قوله في الجديد حكم بأن العبد رهن بالألف الأولى دُونَ الثَّانِيَةِ.

وَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ عِنْدَ شَاهِدَيْنِ فَأَرَادَ الشَّاهِدَانِ أَنْ يَشْهَدَا بِذَلِكَ عِنْدَ الْحَاكِمِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ. فَعَلَى الشَّاهِدَيْنِ أَنْ يُؤَدِّيَا إِلَى الْحَاكِمِ مَا سَمِعَاهُ مِنْ إِقْرَارِهِمَا مَشْرُوحًا. فَإِذَا شَهِدَا عِنْدَهُ حَكَمَ فِي الرَّهْنِ بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ كَانَ يَرَى الْقَوْلَ الْقَدِيمَ حَكَمَ بِأَنَّ الرَّهْنَ بِأَلْفَيْنِ. وَإِنْ كَانَ يَرَى الْقَوْلَ الْجَدِيدَ حَكَمَ أَنَّ الرَّهْنَ بِأَلْفٍ.

فَلَوْ أَرَادَ الشَّاهِدَانِ أَلَّا يَذْكُرَا شَرْحَ الْإِقْرَارِ وَشَهِدَا أَنَّ الْعَبْدَ رُهِنَ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ كَانَا مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ لَمْ يَجُزْ وَوَجَبَ عَلَيْهِمَا شَرْحُ الْإِقْرَارِ لِيَكُونَ الْحُكْمُ فِيهِ مَرْدُودًا إِلَى اجْتِهَادِ الْحَاكِمِ.

وَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يَشْهَدَا فِي الرَّهْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِمَا يُؤَدِّيهِمَا إِلَيْهِ اجْتِهَادُهُمَا أَوْ يَشْرَحَا لَهُ الْإِقْرَارَ اجْتَهَدَ الْحَاكِمُ فِيمَا ثَبَتَ عِنْدَهُ بِشَهَادَتِهِمَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>