أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ نَقْصٌ يَضْمَنُهُ الْغَاصِبُ مَعَ تَلَفِ الْعَيْنِ فَوَجَبَ أَنْ يَضْمَنَهُ مَعَ بَقَائِهَا قِيَاسًا عَلَى نَقْصِ الْبَدَنِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ عُدْوَانٌ يَضْمَنُ بِهِ نَقْصَ الْبَدَنِ فَوَجَبَ أَنْ يَضْمَنَ بِهِ نَقْصَ الثَّمَنِ قِيَاسًا عَلَى تَلَفِ الْعَيْنِ.
وَدَلِيلُنَا أَنَّهُ مَغْصُوبٌ لِمَنْ يَنْقُصُ فِي بَدَنِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَبْرَأَ الْغَاصِبُ بِرَدِّ عَيْنِهِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَمْ يَنْقُصْ مِنْ ثَمَنِهِ وَلِأَنَّ رَدَّ الْمَغْصُوبِ بِعَيْنِهِ أَخَصُّ بِبَرَاءَةِ الذِّمَّةِ فِي رَدِّ مِثْلِهِ ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهُ لَوْ غَصَبَ ذَا مثل فاستهلك ثم رد مثله فأرخ ص ثَمَنًا لِنَقْصِ سُوقِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ رَدُّ مِثْلِهِ أَنْ يَضْمَنَ نَقْصَ ثَمَنِهِ فَأَوْلَى إِذَا رَدَّهُ بِعَيْنِهِ أَنْ لَا يَضْمَنَ نَقْصَ ثَمَنِهِ فَأَمَّا جَمْعُهُ بَيْنَ نَقْصِ السُّوقِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ وَبَيْنَ نَقْصِهَا مَعَ تَلَفِ الْعَيْنِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ نَقْصَ السُّوقِ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ غَيْرَ مُسْتَهْلَكٍ وَلَا فَائِتٍ لِجَوَازِ عُودِهِ فَلَمْ يَضْمَنْهُ وَهُوَ مَعَ تَلَفِ الْعَيْنِ مُسْتَهْلَكٌ فَائِتٌ فَضَمِنَهُ فَأَمَّا جَمْعُهُ بَيْنَ نَقْصِ السُّوقِ وَالْبَدَنِ فَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا مِنْ وَجْهَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا مَعَ أبي حنيفة:
أَحَدُهُمَا: ثُبُوتُ يَدِهِ عَلَى زِيَادَةِ الْبَدَنِ فَضَمِنَهَا بِالنَّقْصِ وَارْتِفَاعِ يَدِهِ عَنْ زِيَادَةِ السُّوقِ فَلَمْ يَضْمَنْهَا بِالنَّقْصِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ نَقْصَ الْبَدَنِ عَيْبٌ يَمْنَعُ الْمُشْتَرِي مِنَ الرَّدِّ.
فَصْلٌ
: فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقْصُ الْبَدَنِ مَضْمُونٌ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ وَتَلَفِهَا وَنَقْصُ الثَّمَنِ غَيْرُ مَضْمُونٍ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ وَهُوَ مَضْمُونٌ مَعَ تَلَفِهَا فَعَلَى هَذَا لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَبَلِيَ حَتَّى نَقَصَ عُشْرُ ثَمَنِهِ ثُمَّ زَادَ الثَّوْبُ لِزِيَادَةِ السُّوقِ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي مِائَةً فَعَلَيْهِ عُشْرُ الْعَشْرَةَ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَذَلِكَ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لِأَنَّ الْعُشْرَ فِي الثَّوْبِ مُسْتَهْلَكٌ قَبْلَ حُدُوثِ الزِّيَادَةِ وَهُوَ لَوِ اسْتَهْلَكَ جَمِيعَ الثَّوْبِ حَتَّى كَانَ يُسَاوِي عَشْرَةً ثُمَّ صَارَ مِثْلُهُ يُسَاوِي مِائَةً لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا عَشْرَةٌ فَكَذَلِكَ إِذَا اسْتَهْلَكَ عُشْرَ الثَّوْبِ لَمْ يَلْزَمْهُ إِلَّا عُشْرُ الْعَيْنِ، وَلَوْ غَصَبَهُ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً ثُمَّ نَقَصَ ثَمَنُهُ بِنَقْصِ السُّوقِ حَتَّى صَارَ يُسَاوِي عَشْرَةً ثُمَّ بَلِيَ بَعْدَ نَقْصِ ثمنه بلا نَقْصَهُ عُشْرَ الثَّمَنِ ضَمِنَ عُشْرَ الْمِائَةِ وَهُوَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَذَلِكَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ بِالتَّلَفِ أَكْثَرَ مَا كَانَ ثَمَنًا وَلَوْ أَتْلَفَ الثَّوْبَ لَزِمَتْهُ الْمِائَةُ فَكَذَلِكَ إِذَا أَتْلَفَ عشره لزمه عشر المائة والله أعلم بالصواب.
[مسألة]
قال الشافعي رحمه الله تعالى: " وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ دَابَّةً فَشَغَلَهَا الْغَاصِبُ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute