للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْأَمَارَاتِ، لِأَنَّهُ عَجَّلَ بِقَتْلٍ وَجَبَ تَأْخِيرُهُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ أَمَارَاتُهُ فَلَا مَأْثَمَ فِيهِ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ خُلُوُّهَا مِنَ الحَمْلِ وَإِنْ أَلْقَتْ وَلَدًا فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حَيًّا يَبْقَى بعد قتلها فلاضمان فِيهِ لِبَقَاءِ حَيَاتِهِ، فَإِنْ مَاتَ بَعْدَهَا رُوعِيَ أمره فيما يبين وَضْعِهِ وَمَوْتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَزَلْ فِيهِ ضَمِنًا يَحْدُثُ بِهِ ضَعْفٌ بَعْدَ ضَعْفٍ، فَالظَّاهِرُ مِنْ مَوْتِهِ أَنَّهُ كَانَ يِقَتل أُمَّه فَيَكُونُ مَضْمُونًا بِالدِّيَةِ، وَإِنْ كَانَ فِيمَا بَيْنَ وَضْعِهِ وَمَوْتِهِ سَلِيمًا يَزْدَادُ قُوَّةً بَعْدَ قُوَّةٍ ثُمَّ مَاتَ، فَالظَّاهِرُ مِنْ حَالِ مَوْتِهِ أَنَّهُ عَنْ سَبَبٍ حَادِثٍ بَعْدَ وِلَادَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ دِيَتَهُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَضَعَهُ جَنِينًا لَا يَبْقَى لَهُ حَيَاةٌ فَيَكُونُ مَضْمُونًا؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ إِلْقَائِهِ أنه كان بقتل أُمّه لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ حَيَاتَهُ كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِحَيَاتِهَا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ فَقَدَ غِذَاءَهُ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ وَضَعَتْهُ مَيِّتًا وَجَبَ فِيهِ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا هِيَ عُشْرُ دِيَةِ أُمِّهِ: وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ أَبِيهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْجَنِينُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَإِنِ اسْتَهَلَّ الْجَنِينُ صَارِخًا ضُمِنَ بِكَمَالِ دِيَتِهِ، فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا ضُمِنَ بِدِيَةِ رَجُلٍ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى ضُمِنَ بِدِيَةِ امْرَأَةٍ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْجَنِينَ مَضْمُونٌ بِالْغُرَّةِ إِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، وَبِالدِّيَةِ إِنِ اسْتَهَلَّ كَانَ لُزُومُهَا مَقْصُورًا عَلَى الْإِمَامِ لحكمه بالقصاص، وعلى الوليد لِاسْتِيفَائِهِ الْقِصَاصَ، وَلَا يَخْلُو حَالُهُمَا فِي الْحَمْلِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَعْلَمَ الْوَلِيُّ بِالْحَمْلِ وَلَا يَعْلَمَ بِهِ الْإِمَامُ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْوَلِيِّ دُونَ الْإِمَامِ لِمُبَاشَرَتِهِ لِقَتْلٍ عُلِمَ حَظْرُهُ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَعْلَمَ الْإِمَامُ بِالْحَمْلِ وَلَا يَعْلَمَ بِهِ الْوَلِيُّ، فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ لِحُكْمِهِ بِقَتْلٍ عُلِمَ حَظْرُهُ، كَالشُّهُودِ بِالْقَتْلِ إِذَا اسْتَوْفَاهُ الْحَاكِمُ بِشَهَادَتِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا ضَمِنُوهُ دُونَ الْحَاكِمِ.

وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: فِي هَذَا الْقِسْمِ " يَكُونُ ضَمَانُهُ عَلَى الْوَلِيِّ دُونَ الْإِمَامِ لِمُبَاشَرَتِهِ " وَهُوَ فَاسِدٌ بِمَا ذَكَرْنَاهُ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَعْلَمَ الْإِمَامُ وَالْوَلِيُّ بِالْحَمْلِ فَالضَّمَانُ عَلَى الْإِمَامِ دُونَ الْوَلِيِّ، وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: عَلَى الْوَلِيِّ دُونَ الْإِمَامِ، وَهَذَا فَاسِدٌ، لِأَنَّ الْوَلِيَّ مُطَالِبٌ بِحَقِّهِ وَالْإِمَامَ هُوَ الْمُمَكِّنُ مِنْهُ، وَالْحَاكِمُ بِهِ فَكَانَ بِالْتِزَامِ الضَّمَانِ أَحَقَّ.

وَالْقِسْمُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَعْلَمَ الْإِمَامُ وَلَا الْوَلِيُّ بِالْحَمْلِ، فَفِي مَا يُلْزِمُ الضَّمَانَ ثلاثة أوجه:

<<  <  ج: ص:  >  >>