للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَقَدْ قَالَ إذا أقر بشيءٍ فوصفه ووصله قَبْلَ قَوْلِهِ وَلَمْ أَجْعَلْ قَوْلًا وَاحِدًا إِلَّا حكماً واحداً ومن قال أجعله في الدراهم والدنانير مقراً وفي الأجل مدعياً لزمه إذا أقر بدرهم نقد البلد لزمه فإن وصل إقراره بأن يقول طبري جعله مدعياً لأنه ادعى نقصاً من وزن الدرهم ومن عينه ولزمه لو قال له عليّ ألفٌ إلا عشرة أن يلزمه ألفاً وله أقاويل كذا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَمُقَدِّمَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الضَّمَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ بَاطِلٌ.

وَقَالَ أبو حنيفة: جَائِزٌ لِدُخُولِ الضَّامِنِ فِيهِ عَلَى شَرْطِهِ.

وَالدَّلَالَةُ عَلَى فَسَادِهِ أَنَّهُ عَقْدُ وَثِيقَةٍ فَبَطَلَ بِاشْتِرَاطِ الْخِيَارِ كَالرَّهْنِ، وَلِأَنَّ الضَّمَانَ يَقْتَضِي اللُّزُومَ وَالْإِثْبَاتَ وَالْخِيَارُ يُنَافِي اللُّزُومَ وَالْإِثْبَاتَ، وَإِذَا انْضَمَّ إِلَى الْعَقْدِ مَا يُنَافِيهِ أَبْطَلَهُ، وَلِأَنَّ الْخِيَارَ مَوْضُوعٌ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَبْنِ وَطَلَبِ الْحَظِّ فِي عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ وَلِذَلِكَ كَانَ مَقْصُورًا عَلَى الثَّلَاثِ لِاسْتِدْرَاكِ الْغَبْنِ بِهَا وَمُخْتَصًّا بِالْبَيْعِ دُونَ النِّكَاحِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْمُغَابَنَةِ وَلَيْسَ الضَّمَانُ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ يُسْتَدْرَكُ بِالْخِيَارِ فِيهِ الْمُغَابَنَةُ فَوَجَبَ أَنْ يَبْطُلَ بِاشْتِرَاطِهِ كَالنِّكَاحِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فَادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ ضمان مال ضمن تَمَام الدَّعْوَى أَنْ يَذْكُرَ قَدْرَ الْمَالِ الْمَضْمُونِ لِأَنَّ ضَمَانَ الْمَجْهُولِ عِنْدَنَا بَاطِلٌ وَلُزُومُهُ عَلَى الْمَضْمُونِ عَنْهُ لِأَنَّ ضَمَانَ مَا لَا يَلْزَمُ بَاطِلٌ فَتَصِحُّ الدَّعْوَى حِينَئِذٍ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ وَلَيْسَ تَسْمِيَةُ الْمَضْمُونِ عَنْهُ شَرَطًا فِي الدَّعْوَى عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ فَإِذَا كَمُلَتِ الدَّعْوَى بِأَنْ قَالَ: ضَمِنَ لِي أَلْفَا دينا عَلَى غَرِيمٍ. سُئِلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الضَّمَانَ عَنْهَا، فَإِذَا أَنْكَرَ حَلَفَ وَإِنِ اعْتَرَفَ بِالضَّمَانِ عَلَى شَرْطِ الْخِيَارِ ففيه ثلاثة مَسَائِلَ:

إِحْدَاهَا: أَنْ يَقُولَ قَدْ ضَمِنْتُ إِلَّا بِشَرْطِ الْخِيَارِ أَوْ يَقُولُ: إِنَّمَا ضَمِنْتُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، لِأَنَّهُ إِذَا ابْتَدَأَ بِقَوْلِهِ إِنَّمَا فَمَعْلُومٌ مِنْ صِيغَةِ كَلَامِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَصِلَ الضَّمَانَ بِغَيْرِهِ فَتَصِيرُ الصِّلَةُ لِتَقَدُّمِ أَمَارَتِهَا كَالْمُتَقَدِّمَةِ عَلَى إِقْرَارِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ مَقْبُولًا وَلَا يَلْزَمُهُ بِهَذَا الْقَوْلِ ضَمَانٌ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَذْهَبُ.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يُقِرَّ بِالضَّمَانِ مُطْلَقًا ثُمَّ يَدَّعِي بَعْدَ انْفِصَالِ كَلَامِهِ أَنَّ ضَمَانَهُ كَانَ بِشَرْطِ الْخِيَارِ فَقَدْ لَزِمَهُ الضَّمَانُ بِالْإِقْرَارِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْخِيَارِ وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا لَمْ يَخْتَلِفِ فِيهِ الْمَذْهَبُ كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَّصِلِ.

وَالْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُقِرَّ بِالضَّمَانِ مَوْصُولًا بِالْخِيَارِ فَيَقُولُ: ضَمِنْتُ لَهُ أَلْفًا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ، فَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُدَّعِي عَلَى الْخِيَارِ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ وَإِنْ كَذَّبَهُ عَلَى الْخِيَارِ وَادَّعَى إِطْلَاقَ الضمان ففيه قولان منصوصان:

<<  <  ج: ص:  >  >>