يَمُوتَ الثَّالِثُ أَوْ يَمُوتَ السَّيِّدُ، لِجَوَازِ أَنْ يَدْخُلَهَا الثَّالِثُ، فَيَصِيرَ حُرًّا.
فَإِنْ كَانَ لَهُ وَقْتَ يَمِينِهِ عَبْدَانِ، فَاشْتَرَى ثَالِثًا، وَدَخَلَ الْأَوَّلَانِ وَاحِدًا بَعْدَ آخَرَ عُتِقَ الثَّانِي، لِأَنَّ الثَّالِثَ لَا يُعْتَقُ بِالدُّخُولِ لِحُدُوثِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ.
(مَسْأَلَةٌ:)
قال الشافعي: " ولو قال إِنْ زَوَّجْتُكَ أَوْ بِعْتُكَ فَأَنْتَ حرٌّ فَزَوَّجَهُ أبو بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا لَمْ يَحْنَثْ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ إنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَلَا بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ اعْتِبَارًا بِالْعَقْدِ الشَّرْعِيِّ فِي انْطِلَاقِ الِاسْمِ عَلَيْهَا.
وَالثَّانِي: وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ إنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ اعْتِبَارًا بِاسْمِ الْعَقْدِ فِي اللُّغَةِ دُونَ الشَّيْءِ.
وَالثَّالِثُ: وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ إنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَلَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ، لِأَنَّهُ جَوَّزَ التَّصَرُّفَ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَمَنَعَ مِنَ الِاسْتِمْتَاعِ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ. هَذَا الْفَرْقُ مَدْفُوعٌ، وَهُوَ مِنَ الْعَقْدَيْنِ مَمْنُوعٌ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِ الْمَذْهَبَيْنِ مِنْ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: إنَّ مَا اجْتَمَعَ فِيهِ عُرْفُ لُغَةٍ وَعُرْفُ شَرْعٍ كَانَ عُرْفُ الشَّرْعِ مُقَدَّمًا عَلَى عُرْفِ اللُّغَةِ، لِأَنَّ الشَّرْعَ نَاقِلٌ.
وَالثَّانِي: إنَّهُ لَمْ يَتَعَلَّقْ عَلَيْهِمَا بِالْفَسَادِ مَا اخْتَصَّ بِهِمَا مِنَ الْأَحْكَامِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ عَلَيْهِمَا مَا عَلِقَ بِهِمَا مِنَ الْأَيْمَانِ.
(فَصْلٌ:)
إِذَا قَالَ: مَنْ تَسَرَّيْتُ بِهَا مِنْ جَوَارِيَّ، فَهِيَ حُرَّةٌ، فَتَسَرَّى بِجَارِيَةٍ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ وَقْتَ يَمِينِهِ عُتِقَتْ.
وَإِنْ تَسَرَّى بِجَارِيَةٍ مَلَكَهَا بَعْدَ يَمِينِهِ لَمْ تُعْتَقْ، لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَنْفُذِ الْعِتْقُ قَبْلَ الْمِلْكِ لَمْ تَنْعَقِدِ الْيَمِينُ بِهِ قَبْلَ الْمِلْكِ.
فَأَمَّا التَّسَرِّي الَّذِي يُعْتَقُ بِهِ، فَلَيْسَ لَهُ فِي الشَّرْعِ عُرْفٌ، وَالْمُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ اللُّغَةِ، وَالِاسْتِعْمَالِ.
فَأَمَّا اللُّغَةُ، فَفِيمَا اشْتُقَّ مِنْهُ التَّسَرِّي خَمْسَةُ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ السُّرُورِ، وَلِأَنَّهُ مَسْرُورٌ بِالِاسْتِمْتَاعِ بِهَا.
وَالثَّانِي: إنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ السَّرْوِ، لِأَنَّهَا أَسْرَى جَوَارِيهِ عنده.