للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالشَّهْوَةُ إِنَّمَا تَكُونُ مَعَ الِانْتِشَارِ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ بَلْ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ فِي الْفَرْجِ، وَإِنْ كَانَ الذَّكَرُ غَيْرَ مُنْتَشِرٍ يَتَعَلَّقُ بِهِ أَحْكَامُ الْوَطْءِ بِالذَّكَرِ الْمُنْتَشِرِ، لِأَنَّ لِينَ الذَّكَرِ ضَعْفٌ، وَانْتِشَارَهُ قُوَّةٌ، وَضَعْفُ الْجِمَاعِ وَقُوَّتُهُ سَوَاءٌ فَكَذَلِكَ لِينُ الذَّكَرِ وَانْتِشَارُهُ سَوَاءٌ إِذَا أَمْكَنَ دُخُولُ الْحَشَفَةِ مَعَ لِينِهِ، وَلِأَنَّ وُجُودَ اللَّذَّةِ فِي ذَوْقِ الْعُسَيْلَةِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، أَلَا تَرَاهُ لَوْ وَطِئَهَا وَهِيَ نَائِمَةٌ أَحَلَّهَا إِنْ لم تذوق عُسَيْلَتَهُ، وَلَوِ اسْتَدْخَلَتْ ذَكَرَهُ وَهُوَ نَائِمٌ حَلَّتْ، وَإِنْ لَمْ يَذُقْ عُسَيْلَتَهَا فَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ غير منتشر.

[(مسألة:)]

قال الشافعي: (أَوْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ صَبِيٍ مُرَاهِقٍ أَوْ مَجْبُوبٍ بَقِيَ لَهُ قَدْرُ مَا يُغَيِّبُهُ تَغْيِيبَ غَيْرِ الْخَصِيِّ وَسَوَاءٌ كُلُّ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي غَيْرَ بالغ وقد عقد عليها نكاحاً صحيحاً له حَالَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: أَنْ يَكُونَ مُرَاهِقًا قَدِ انْتَشَرَ ذَكَرُهُ وَيَطَأُ مِثْلُهُ، فَوَطْؤُهُ يُحِلُّهَا لِلْأَوَّلِ، كَالْبَالِغِ.

وَالْحَالُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ طِفْلًا لَا يَطَأُ مِثْلُهُ، وَلَا يَنْتَشِرُ ذَكَرُهُ، فَالْوَطْءُ مُسْتَحِيلٌ مِنْ مِثْلِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ اسْتِدْخَالُ ذَكَرِهِ عَبَثًا فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إِحْلَالٌ فَخَالَفَ الْبَالِغَ إِذَا أَوْلَجَ مِنْ غَيْرِ انْتِشَارٍ، لِأَنَّهُمَا يَخْتَلِفَانِ فِي انْطِلَاقِ اسْمِ الْوَطْءِ عَلَيْهَا فَاخْتَلَفَا فِي حُكْمِهِ.

وَأَمَّا الْخَصِيُّ فَهُوَ الْمَسْلُولُ الْأُنْثَيَيْنِ السَّلِيمُ الذَّكَرِ فَوَطْؤُهُ يُحِلُّهَا كَالْفَحْلِ، بَلْ وَطْؤُهُ أَقْوَى لِعَدَمِ إِنْزَالِهِ، وَقِلَّةِ فُتُورِهِ.

فَأَمَّا الْمَجْبُوبُ وَهُوَ الْمَقْطُوعُ الذَّكَرِ فَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُ شَيْءٌ يُمْكِنُهُ إِيلَاجُهُ اسْتَحَالَ الْوَطْءُ مِنْهُ فَلَمْ يُحِلَّهَا، وَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ مَا يُمْكِنُ إِيلَاجُهُ فَإِنْ كَانَ دُونَ مِقْدَارِ الْحَشَفَةِ لَمْ يُحِلَّهَا، لِأَنَّ السَّلِيمَ الذَّكَرِ لَوْ أَوْلَجَ دُونَ الْحَشَفَةِ، لَمْ يُحِلَّ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْهُ بِمِثْلِ مِقْدَارِ الْحَشَفَةِ فَمَا زَادَ أَحَلَّهَا، وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي إِحْلَالِهِ تَغْيِيبُ قَدْرِ الْحَشَفَةِ فِيهِ أَوْ يُعْتَبَرُ تَغْيِيبُ جَمِيعِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُعْتَبَرُ مِنْهُ تَغْيِيبُ قَدْرِ الحشفة، فإذا غيب من باقي ذكره قَدْرَ الْحَشَفَةِ أَحَلَّ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يُحِلُّهَا إِلَّا بِتَغْيِيبِ جَمِيعِ الْبَاقِي لِأَنَّ ذَهَابَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ قَدْ أَسْقَطَ حُكْمَهَا فَانْتَقَلَ إِلَى الْبَاقِي بَعْدَهَا.

(فَصْلٌ:)

قَالَ الشَّافِعِيُّ: (وَسَوَاءٌ كُلُّ زَوْجٍ وَزَوْجَةٍ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا مَعَ الزَّوْجَةِ الْكَافِرَةِ عَاقِلًا أَوْ مجنوناً، وكذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>