للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْآخِذِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَجَعَ بِالْغُرْمِ عَلَى الْآخِذِ لَمْ يَرْجِعِ بِالْأَخْذِ بِهِ عَلَى الدَّافِعِ، وَإِنْ قَالَ: أَمَرَنِي أَنْ أَدْفَعَهَا قَضَاءً مِنْ دَيْنٍ فَإِنْ كَانَ الْمُودِعُ مُعْتَرِفًا بِالدَّيْنِ وَحُلُولِهِ، وَكَانَتِ الْوَدِيعَةُ مِنْ جِنْسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْغُرْمِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا، لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ فِي دَيْنِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ بِهَا، وَإِنْ كَانَ مُنْكِرًا لِلدَّيْنِ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالْغُرْمِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ، فَإِنْ رَجَعَ بِهِ عَلَى الدَّافِعِ نُظِرَ فَإِنْ صَدَقَ الْآخِذُ فِي الدَّيْنِ لَمْ يَرْجِعِ الدَّافِعُ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ رَجَعَ بِهِ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْآخِذِ لَمْ يَرْجِعِ الْآخِذُ بِهِ عَلَى الدَّافِعِ بِكُلِّ حَالٍ، سَوَاءٌ صَدَّقَهُ عَلَى دَيْنِهِ أَوْ كذبه، وَإِنْ قَالَ الدَّافِعُ: أَمَرَنِي بِدَفْعِهَا هِبَةً، نُظِرَ [فإن رجع المودع بالغرم على الدافع لم يرجع الدافع على الآخذ، وإن رجع بالغرم على الآخذ لم يرجع الآخذ على الدافع، وإن قال الدافع: أمرني بدفعها وديعة نظر فإن رجع المودع على الدافع لم يرجع الدافع على الآخذ] وإن رَجَعَ بِالْغُرْمِ عَلَى الْآخِذِ فَفِي رُجُوعِ الْآخِذِ بِهِ عَلَى الدَّافِعِ وَجْهَانِ

أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا رُجُوعَ لَهُ، لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ مَظْلُومٌ بِهِ.

وَالثَّانِي: يَرْجِعُ بِهِ لِأَنَّ الدَّافِعَ أَلْجَأَهُ إِلَى الْغُرْمِ بِائْتِمَانِهِ لَهُ وَدَفْعِهِ إِلَيْهِ، فَهَذَا حُكْمُ الْمُودِعِ إِذَا أَنْكَرَ الْإِذْنَ.

فَصْلٌ:

وَإِنْ أَقَرَّ الْمُودِعُ أَنَّهُ قَدْ أَذِنَ لَهُ فِي الدَّفْعِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ إليه مقرا بالقبض، فالدافع يتبرئ مِنَ الضَّمَانِ، وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْمُودِعُ عَلَى الدَّفْعِ أَوْ كَذَّبَهُ، لِأَنَّ الْمُرَاعَى مِنْ جِهَةِ الْمُودِعِ الْإِذْنُ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ، وَالْمُرَاعَى مِنْ جِهَةِ الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ الْقَبْضُ وَقَدْ أَقَرَّ بِهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَدْفُوعُ إِلَيْهِ مُنْكِرًا لِلْقَبْضِ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُودِعِ الْمُقِرِّ بِالْإِذْنِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُصَدِّقًا لِلدَّافِعِ أَوْ مُكَذِّبًا، فَإِنْ كَانَ مُكَذِّبًا لَهُ فَالدَّافِعُ ضَامِنٌ، وَادِّعَاؤُهُ لِلدَّفْعِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى الْمُودِعِ لِتَكْذِيبِهِ وَلَا عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ لِإِنْكَارِهِ.

وَإِنْ كَانَ الْمُودِعُ مُصَدِّقًا لَهُ عَلَى الدَّفْعِ فَهُوَ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا عِنْدَ الدَّفْعِ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَائِبًا، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا عِنْدَ الدَّفْعِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الدَّافِعِ، لِأَنَّ التَّوَثُّقَ بِالْإِشْهَادِ مَعَ حُضُورِ الْإِذْنِ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهِ دُونَ الدَّافِعِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ فَلَمْ يَكُنْ مِنَ الدَّافِعِ تَفْرِيطٌ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ، وَلِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ.

فَصْلٌ:

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمُودِعُ الْمُصَدِّقُ عَلَى الدَّفْعِ وَالْآذِنُ غَائِبًا عَنِ الدَّفْعِ، فَلَا يَخْلُو حَالُ الدَّفْعِ المأذون فيه من ستة أقسام:

أحدهما: أَنْ يَكُونَ قَرْضًا.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَارِيَةً وَالْحُكْمُ فِي هَذَيْنِ الْقِسْمَيْنِ سَوَاءٌ، وَالدَّافِعُ ضَامِنٌ لما دفع

<<  <  ج: ص:  >  >>