للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب بيان أن العمرة واجبة كالحج]

قال الشافعي رضي الله عنه: " قَالَ اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ {وَأَتِّمُوا الحَجَّ والْعُمْرَةِ للهِ} (البقرة: ١٩٦) فَقَرَنَ الْعُمْرَةَ بِهِ وَأَشْبَهُ بِظَاهِرِ القرآن أن تكون العمرة واجبة واعتمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قبل الحج ومع ذلك قول ابن عباس والذي نفسي بيده إنها لقرينتها في كتاب الله {وأَتِمُّوا الحَجَّ والْعُمْرَةَ للهِ} وعَنْ عَطاء قال ليس أحد من خلق الله إلا وعليه حجة وعمرة واجبتان (قال) وقال غيره من مكيينا وسن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - في قران العمرة مع الحج هدياً ولو كانت نافلةً أشبه أن لا تقرن مع الحج وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " وروي أن في الكتاب الَّذِي كَتَبَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لعمرو بن حزم أن العمرة هي الحج الأصغر ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا الْعُمْرَةُ فِي كَلَامِهِمْ فَفِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا الْقَصْدُ، وَكُلُّ قَاصِدٍ لِشَيْءٍ فَهُوَ مُعْتَمِرٌ قَالَ الْعَجَّاجُ:

(لَقَدْ سَمَا ابْنُ مَعْمَرٍ حِينَ اعْتَمَرْ ... مَغْزًا بَعِيدًا مِنْ بَعِيدٍ وَصَبَرْ)

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: هِيَ الزِّيَارَةُ وَقَالَ أَعْشَى باهلة:

(وجَاشت النفس لما جاء فَلُّهُمُ ... وَرَاكِبٌ جَاءَ مِنْ تَثْلِيثِ مُعْتَمِرًا)

يَعْنِي: زَائِرًا هَكَذَا قَالَ الْأَصْمَعِيُّ، لَكِنَّ الْعُمْرَةَ فِي الشَّرْعِ تَشْتَمِلُ عَلَى إِحْرَامٍ، وَطَوَافٍ، وَسَعْيٍ، وَحِلَاقٍ.

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي وُجُوبِهَا فَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَالْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ كَالْحَجِّ، وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.

وَمِنَ التَّابِعِينَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ.

وَمِنَ الْفُقَهَاءِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَحْمَدُ وإسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>