وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ غَيْرَ مَنْسُوبٍ إِلَيْهِ فَهَذَا، عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ حَادِثًا بَعْدَ إِمْكَانِ الْأَدَاءِ فَيَكُونُ ضَامِنًا لِلنَّقْصِ كما مضى.
والضرب الثاني: أن يكون له حادثاً قبل إمكان الأداء فلا يكون ضَامِنًا، فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ قَفِيزَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ حِنْطَةٍ لَا غَيْرَ، وَعَلَى الثَّانِي هُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ قَفِيزَيْنِ وَنِصْفٍ مِنْ حِنْطَةٍ وبين خمسة دراهم وعلى الثَّالِثِ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ خَمْسَةِ دَرَاهِمَ لَا غَيْرَ وَيَكُونُ النَّقْصُ دَاخِلًا عَلَى الْمَسَاكِينِ كَدُخُولِهِ عَلَيْهِ والله أعلم.
مسالة: قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو كان في يديه عرض للتجارة تجب في قيمته الزكاة وأقام في يديه ستة أشهر ثم اشترى به عرضاً للتجارة بدنانير فأقام في يديه سِتَّةَ أَشْهُرٍ فَقَدْ حَالَ الْحَوْلُ عَلَى الْمَالَيْنِ معاً وقام أحدهما مكان صاحبه فيقوم العرض الذي في يديه ويخرج زكاته ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا اشْتَرَى عَرْضًا لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ بَاعَهُ فِي الْحَوْلِ بِعَرَضٍ ثَانٍ لِلتِّجَارَةِ ثُمَّ بَاعَ الثَّانِي بِثَالِثٍ، وَالثَّالِثَ بِرَابِعٍ بَنَى ذَلِكَ كُلَّهُ عَلَى حَوْلِ الْعَرَضِ الْأَوَّلِ، بِخِلَافِ مَنْ بَادَلَ مَاشِيَةً بِمَاشِيَةٍ لِمَعْنَيَيْنِ هُمَا دَلَالَةٌ وَفَرْقٌ.
أَحَدُهُمَا: أَنَّ زَكَاةَ الْعَرَضَ فِي قِيمَتِهِ لَا فِي عَيْنِهِ وَمِلْكُ الْقِيمَةِ مُسْتَدَامٌ فِي الْعُرُوضِ غَيْرُ مُنْقَطِعٍ بِالْبَيْعِ فَلِذَلِكَ بَنَى وَزَكَاةُ الْمَاشِيَةِ فِي عَيْنِهَا وَمِلْكِهَا مُنْقَطِعٌ بِبَيْعِهَا فَلِذَلِكَ لَمْ يَبْنِ.
وَالثَّانِي: أَنَّ نَمَاءَ التِّجَارَةِ يَحْصُلُ بِبَيْعِهَا وَتَقْلِيبِ عَيْنِهَا فَلَمْ يَكُنِ الْبَيْعُ مُبْطِلًا لِحَوْلِهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مَسْأَلَةٌ: قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " ولو اشترى عرضاً بِدَنَانِيرَ أَوْ بِدَرَاهِمَ أَوْ بشيءٍ تَجِبُ فِيهِ الصدقة من الماشية وكان إفادة ما اشترى بِهِ ذَلِكَ الْعَرْضَ مِنْ يَوْمِهِ لَمْ يُقَوِّمِ العرض حتى يحول الحول من يوم أفاد ثَمَنَ الْعَرَضِ ثُمَّ يُزَكِّيهِ بَعْدَ الْحَوْلِ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِنِ اشْتَرَى عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ بِمِائَتَيْ درهم أو بعشرين دينار، فَحَوْلُ هَذَا الْعَرَضِ مِنْ حِينِ مَلَكَ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ، لِأَنَّ هَذَا الْعَرَضَ فَرْعٌ لِأَصْلِهِ لِأَنَّهُ يُقَوَّمُ بِهِ، فَوَجَبَ أَنْ يَبْنِيَ حَوْلَهُ عَلَى حَوْلِهِ فَأَمَّا إِنِ اشْتَرَى عَرَضًا لِلتِّجَارَةِ بِخَمْسٍ مِنَ الْإِبِلِ سَائِمَةً، أَوْ أَرْبَعِينَ مِنَ الْغَنَمِ أَوْ ثَلَاثِينَ مِنَ الْبَقَرِ، فَهَلْ يَسْتَأْنِفُ حَوْلَهُ أم يَبْنِي عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ عَلَى وَجْهَيْنِ لِأَصْحَابِنَا.
أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سَعِيدٍ الِاصْطَخْرِيِّ أَنَّهُ يبني حول الْعَرَضِ عَلَى حَوْلِ أَصْلِهِ اسْتِدْلَالًا بِمَذْهَبٍ وَحِجَاجٍ.