أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ كَالصَّحْرَاءِ يُصَلِّي فِي أَيِّ مَوْضِعٍ شَاءَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ مَا لَمْ يُعْلَمْ يَقِينُ نَجَاسَتِهِ
وَالثَّانِي: أَنَّهُ كَالثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَا يَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بَعْدَ غَسْلِ جَمِيعِهِ قَالُوا: كَمَنِ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ فِي عَدَدٍ مِنَ النِّسَاءِ يَسِيرٍ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ التَّزْوِيجُ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إِلَّا بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَلَوِ اخْتَلَطَتْ أُخْتُهُ بِعَدَدٍ مِنَ النِّسَاءِ كَثِيرٍ وَجَمٍّ غَفِيرٍ مِنْهُنَّ جَازَ لَهُ التَّزْوِيجُ بِأَيَّتِهِنَّ شَاءَ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا أُخْتُهُ، وَكَانَ هَذَا مِثَالَ الْأَرْضِ إِذَا اتسعت، أو ضاقت
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا ضَرَبَ لَبِنًا فِيهِ نَجَاسَةُ بولٍ لَمْ يَطْهُرْ إِلَّا بِمَا تَطْهُرُ بِهِ الْأَرْضُ مِنَ الْبَوْلِ وَالنَّارُ لَا تُطَهِّرُ شَيْئًا "
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ
إِذَا نُجِّسَ التُّرَابُ بِبَوْلٍ، أَوْ خَمْرٍ، أَوْ دَمٍ، أَوْ أَيِّ نَجَاسَةٍ كَانَتْ، ثُمَّ ضَرَبَهُ لَبِنًا فَهُوَ عَلَى نَجَاسَتِهِ لَا يُطَهَّرُ بِمَا خَالَطَهُ مِنَ الْمَاءِ، لِأَنَّ الْمَاءَ لَمْ يَقْهَرْهُ وَلَا يَغْلِبْ عَلَيْهِ، فَإِذَا جَفَّ لَمْ تَجُزِ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ إِلَّا بِأَحَدِ الأمرين، إِمَّا أَنْ يَبْسُطَ عَلَيْهِ بِسَاطًا طَاهِرًا وَإِلَّا بِأَنْ يُرِيقَ عَلَيْهِ مَاءً يُكَاثِرُهُ فَيَعْلَمُ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ غَمَرَ ظَاهِرَ النَّجَاسَةِ فَيَطْهُرُ ظَاهِرَهُ دُونَ بَاطِنِهِ، وَتَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ، وَلَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَهُوَ حَامِلُهُ لِنَجَاسَةٍ بَاطِنَةٍ
وَالطَّرِيقُ إِلَى طَهَارَةِ بَاطِنِةِ أَنْ يَقَعَ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَتَمَاتَّ فِيهِ وَيَغْلِبَ الْمَاءُ عَلَى أَجْزَاءِ نَجَاسَتِهِ، ثُمَّ يَضْرِبُ لَبِنًا فَيَطْهُرُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ مَائِعَةً، وَإِذَا كَانَتْ مُسْتَجْسِدَةً كَالرَّوْثِ، وَالْعَذْرَةِ، فَلَا طَرِيقَ إِلَى طَهَارَتِهِ بِالْمَاءِ، فَإِنْ طُبِخَ آجُرًّا فَهُوَ عَلَى نَجَاسَتِهِ وَالنَّارُ لَا تُطَهِّرُهُ
وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ: إِذَا ضُرِبَ اللَّبِنُ، وَفِيهِ الرَّوْثُ ثُمَّ طُبِخَ بِالنَّارِ طَهُرَ، لِأَنَّ النَّارَ تَأْكُلُ الرَّوْثَ وَيَبْقَى الطِّينُ فَيَصِيرُ خَزَفًا، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِمِصْرَ فَقَالَ: " إِذَا ضَاقَ الشَّيْءُ اتَّسَعَ " وَلَيْسَ يُرِيدُ بِذَلِكَ الطَّهَارَةَ، وَإِنَّمَا يُرِيدُ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - إِبَاحَةَ اسْتِعْمَالِهِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ إِذَا لَمْ يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَطْهُرْ ذَلِكَ بِالطَّبْخِ؛ لِأَنَّ النَّارَ لَا مَدْخَلَ لَهَا فِي طَهَارَةِ الْأَنْجَاسِ، وَلَيْسَ وَإِنْ أَكَلَتِ النَّارُ مَا فِيهِ مِنَ الرَّوْثِ مَا يَدُلُّ عَلَى طَهَارَتِهِ، لِأَنَّ التُّرَابَ قَدْ نَجِسَ بِمُجَاوَرَةِ الرَّوْثِ عِنْدَ حُلُولِ الْمَاءِ فِيهِ فَإِذَا زَالَ الروث بالنار المحروقة لَهُ بَقِيَتْ نَجَاسَةُ التُّرَابِ الْحَادِثَةُ عَنْ مُجَاوَرَةِ الرَّوْثِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَحْكُمَ بِالطَّهَارَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَوْ فُرِشَ الْمَسْجِدُ بِلَبِنٍ مَضْرُوبٍ بِبَوْلٍ أَوْ نَجَاسَةٍ لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُصَلًّى عَلَى نَجَاسَةٍ، وَلَوْ بَنَى بِهِ حَائِطًا فِي الْمَسْجِدِ وَصَلَّى إِلَيْهِ جَازَتْ صَلَاتُهُ وَإِنْ كرهنا ذلك كله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute