للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْإِرْسَالِ وَلَا تَقِفُ عَلَى غَايَةِ السَّبْقِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي الِاسْتِبَاقِ بِالطُّيُورِ إِذَا قِيلَ: بِجَوَازِ الِاسْتِبَاقِ عَلَيْهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الْهِدَايَةِ إِلَى قَصْدِ الْغَايَةِ، وَأَنَّهَا لَا تَتَنَافَرُ فِي طَيَرَانِهَا.

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ تَكُونَ الْغَايَةُ مَعْلُومَةً؛ لِأَنَّهَا مُسْتَحَقَّةٌ فِي عَقْدِ مُعَاوَضَةٍ، فَإِنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى إِجْرَاءِ الْفَرَسَيْنِ حَتَّى يَسْبِقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ لَمْ يَجُزْ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: جَهَالَةُ الْغَايَةِ.

وَالثَّانِي: لِأَنَّهُ يُفْضِي ذَلِكَ لِإِجْرَائِهِمَا حَتَّى يَعْطَبَا.

وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ تَكُونَ الْغَايَةُ الَّتِي يَمْتَدُّ شَرْطُهَا إِلَيْهَا يَحْتَمِلُهَا الْفَرَسَانِ، وَلَا يَنْقَطِعَانِ فِيهَا، فَإِنْ طَالَتْ عَنِ انْتِهَاءِ الْفَرَسَيْنِ إِلَيْهَا إِلَّا عَنِ انْقِطَاعٍ وَعَطَبٍ بَطَلَ الْعَقْدُ، لِتَحْرِيمِ مَا أَفْضَى إِلَى ذَلِكَ.

وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ فِيهِ مَعْلُومًا، كَالْأُجُورِ وَالْأَثْمَانِ، فَإِنْ أَخْرَجَهُ غَيْرُ الْمُتَسَابِقَيْنَ جَازَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِيهِ، وَيَتَفَاضَلَا؛ لِأَنَّ الْبَاذِلَ لِلسَّبَقِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ مُخَيَّرًا بَيْنَ التَّسَاوِي فِي التَّفْضِيلِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَمَاثَلَ جِنْسُ الْعِوَضَيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَخْتَلِفْ.

(فَصْلٌ:)

فَأَمَّا الرَّمْيُ، فَيُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ عَقْدِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ أَيْضًا:

أَحَدُهَا: أَنْ يكون الرامي مجانسة فَيَتَنَاضَلَانِ بِالنُّشَّابِ أَوْ بِالْحِرَابِ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَنْضِلُ بِالنُّشَّابِ، وَالْآخِرُ بِالْحِرَابِ، لَمْ يَجُزْ لِتَنَافِيهِمَا، لَكِنْ يَجُوزُ أَحَدُهُمَا مُنَاضِلًا بِالنُّشَّابِ وَالْآخِرُ بِالنَّبْلِ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا سَهْمٌ يَخْرُجُ عَنْ قَوْسٍ.

وَالشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُتَنَاضِلَيْنَ مُقَارَبَةٌ فِي الرَّمْيِ وَالْإِصَابَةِ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ نَاضِلًا وَمَنْضُولًا، لِيُعْلَمَ بِالنِّضَالِ أَحْذَقُهُمَا، فَإِنْ تَفَاوَتَ مَا بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرُ سِهَامِهِ صَائِبَةٌ، وَالْآخِرُ أَكْثَرُ سِهَامِهِ خَاطِئَةٌ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ مُقْتَضَى قَوْلِ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ: لَا يَجُوزُ؛ وَيَكُونُ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا بَاطِلًا؛ لِأَنَّ حِذْقَهُ مَعْلُومٌ بِغَيْرِ نِضَالٍ، فَصَارَ كَالْمُسْتَحِقِّ لِلْمَالِ بِغَيْرِ نِضَالٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَجُوزُ وَيَكُونُ الْعَقْدُ بَيْنَهُمَا صَحِيحًا؛ لِأَنَّ الْمَالَ إِذَا اسْتُحِقَّ بَعَثَ عَلَى مُعَاطَاةِ الْحِذْقِ.

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَتَنَاضَلَا عَلَى جراح النفوس بالسهام والسلاح، وليكن قَصْدُهُمَا إِصَابَةُ غَيْرِ ذَاتِ الْأَرْوَاحِ، لِتَحْرِيمِ عَقْرِهَا، فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ جِرَاحَةُ النُّفُوسِ بَطَلَ لِحَظْرِهِ.

وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ يَكُونَ الْعِوَضُ مَعْلُومًا مِنْ أَعْيَانٍ مَوْجُودَةٍ، أَوْ مَالٍ فِي الذِّمَّةِ مَوْصُوفًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>