أَحَدُهَا: أَنْ يَتَيَقَّنَ كَذِبَهَا فَيَحْرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا.
وَالثَّانِي: أَنْ يَتَيَقَّنَ صِدْقَهَا فَيَجُوزَ نِكَاحُهَا.
وَالثَّالِثُ: أَنْ لَا يَتَيَقَّنَ صِدْقَهَا وَلَا كَذِبَهَا فَإِنْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِدْقُهَا حَلَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا حُكْمًا وَوَرَعًا وَإِنْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ كَذِبُهَا كَرِهْنَا لَهُ وَرَعًا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَجَازَ لَهُ فِي الْحُكْمِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ عَلَى نَفْسِهَا لَا سِيَّمَا فِيمَا لَا يُمْكِنُهَا إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ مِنَ الْإِصَابَةِ وَانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَجَازَ فِي الشَّرْعِ الرُّجُوعُ إِلَى قَوْلِهَا، وَالْعَمَلُ عَلَيْهِ مَعَ جَوَازِ كَذِبِهَا كَالْمُحْدِثِ إِذَا غَابَ وَعَادَ فَذَكَرَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ جَازَ الْإِتْمَامُ بِهِ مَعَ جَوَازِ كَذِبِهِ؛ لِأَنَّ إِقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى نِيَّتِهِ مُتَعَذِّرَةٌ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ قَبُولُ قَوْلِهَا فِي الْإِصَابَةِ، وَهُوَ أَحَدُ شَرْطَيِ الْإِبَاحَةِ جَازَ قَبُولُ قَوْلِهَا فِي الشَّرْطِ الثَّانِي، وَهُوَ الْعَقْدُ، وَلِأَنَّهُ لَوْ غَابَ مَعَ زَوْجَتِهِ ثُمَّ عَادَ فَذَكَرَ مَوْتَ زَوْجَتِهِ حَلَّ لِأُخْتِهَا أَنْ تَتَزَوَّجَ بِهِ، وَيَكُونُ قَوْلُهُ فِي الْمَوْتِ مَقْبُولًا، وَلَكِنْ لَوْ غَابَتْ زَوْجَتُهُ مَعَ أُخْتِهَا، ثُمَّ قَدِمَتِ الْأُخْتُ، فَذَكَرَتْ لَهُ مَوْتَ زَوْجَتِهِ لَمْ يَحِلَّ لَهُ الْعَقْدُ عَلَى أُخْتِهَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ يَتَيَقَّنَ زَوَالَ مِلْكِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْأُخْتُ؛ لِأَنَّهَا لَا مِلْكَ لَهَا، فَجَازَ أَنْ يُرْجَعَ إِلَى قَوْلِ الزَّوْجِ فِي مَوْتِ أُخْتِهَا.
وَلَوْ قَالَتِ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا: نَكَحْتُ زَيْدًا وَطَلَّقَنِي بَعْدَ الإصابة، فقال زيد: طلقتها قبل الإصاب، لم تقبل دعوى الإصابة تدخل عَلَى الثَّانِي ضَرَرًا فِي تَكْمِيلِ الْمَهْرِ، فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهَا فِيهِ، وَغَيْرُ مُدْخِلَةٍ عَلَى الْأَوَّلِ ضَرَرًا فَقُبَلَ قَوْلُهَا فِيهِ.
فَلَوْ قَالَ زَيْدٌ: لَمْ أَتَزَوَّجْهَا وَقَالَتْ: قَدْ تَزَوَّجَنِي وَأَصَابَنِي وَطَلَّقَنِي قبل قولها في إحلالها للأول، وإذا كَذَّبَهَا الثَّانِي لِمَا ذَكَرْنَا مِنَ ائْتِمَانِهَا عَلَى نَفْسِهَا، وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى الثَّانِي، فَلَوْ أَقَرَّ زَيْدٌ بِتَزْوِيجِهَا وَإِصَابَتِهَا وَادَّعَتْ عَلَيْهِ طَلَاقَهَا فأنكرها حرمت عل الْأَوَّلِ أَنْ يُرَاجِعَهَا؛ لِأَنَّ إِنْكَارَ الثَّانِي لِطَلَاقِهَا مُوجِبٌ لِبَقَائِهَا عَلَى نِكَاحِهِ فَلَمْ يَجُزْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَنْكِحَهَا وَلَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ فِي طَلَاقِهَا.
(فَصْلٌ:)
وَإِذَا طَلَّقَ الْحُرُّ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ ثَلَاثًا فوطئها السيد بملك اليمين لم يحل بِهِ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا أَحَلَّهَا بِالْإِصَابَةِ مَنْ زَوْجٍ، وَلَوِ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَحِلَّ بِزَوْجٍ فَهَلْ تَحِلُّ لَهُ قَبْلَ إِصَابَةِ زَوْجٍ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَحِلُّ؛ لِأَنَّ إِصَابَةَ الزَّوْجِ شَرْطٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ لَا فِي مِلْكِ الْيَمِينِ.
وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لَهُ إِلَّا بَعْدَ إِصَابَةِ زَوْجٍ؛ لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةُ الْعَيْنِ عَلَيْهِ إِلَّا بِوُجُودِ هَذَا الشَّرْطِ.
وَإِذَا تَزَوَّجَهَا ثَانٍ فَوَجَدَهَا عَلَى فِرَاشِهِ فَظَنَّهَا أَجْنَبِيَّةً فَوَطِئَهَا قَاصِدًا بِوَطْئِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute