أَحَدُهُمَا: إِنَّهُ قَدْ قَامَ بِمَا عَلَيْهِ مِنَ الشَّهَادَةِ، وَبَقِيَ مَا عَلَى الْحَاكِمِ مِنْ كَشْفِ الْعَدَالَةِ.
وَالثَّانِي: إِنَّ الظَّاهِرَ مِنَ الشَّهَادَةِ صِحَّتُهَا، وَلَا يُؤْمَنُ عَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُبَاعَ، وَلَا عَلَى الْأَمَةِ أَنْ تُوطَأَ.
فَإِذَا أُحِيلَ بَيْنَهُمَا، لَزِمَ الْحَاكِمُ أَنْ يَسْتَظْهِرَ لِلسَّيِّدِ بِأَمْرَيْنِ كَمَا اسْتَظْهَرَ لِلْعَبْدِ بِالْمَنْعِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَضَعَهُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ نِيَابَةً عَنْ يَدِ السَّيِّدِ.
وَالثَّانِي: أَنْ يُؤَجِّرَهُ بِأُجْرَةٍ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَيُوقِفُ بَاقِيهَا عَلَى عَدَالَةِ الشَّاهِدَيْنِ، فَإِنْ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا حُكِمَ بِعِتْقِهِ وَرُدَّ عَلَيْهِ بَاقِي أُجْرَتِهِ، وَإِنْ ثَبَتَ فِسْقُهُمَا حُكِمَ بِرِقِّهِ وَإِعَادَتِهِ إِلَى سَيِّدِهِ مَعَ بَقِيَّةِ أُجْرَتِهِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُمَا عَدَالَةٌ وَلَا فِسْقٌ كَانَ بَاقِيًا عَلَى الْوَقْفِ مَا بَقِيَ حَالُ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَالْجَهَالَةِ.
وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّعْوَى فِي غَيْرِ الْعِتْقِ مِنْ دَيْنٍ مُدَّعًى، وَأَقَامَ مُدَّعِيهِ شَاهِدَيْنِ مَجْهُولَيِ الْعَدَالَةِ وَالْجَرْحِ، فَوَقَفَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الْكَشْفِ، وَسَأَلَ الْمُدَّعِي حَبْسَ خَصْمِهِ عَلَى الْكَشْفِ عَلَى الْعَدَالَةِ أُجِيبَ إِلَيْهَا اعْتِبَارًا بِعَدَالَةِ الظَّاهِرِ، وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِهَا حَتَّى ٧ تَثْبُتَ عَدَالَةُ الْبَاطِنِ، وَلَمْ يَكُنْ لِحَبْسِهِ غَايَةً إِلَّا أَنْ تَثْبُتَ الْعَدَالَةُ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ الْحَقَّ، أَوْ يَثْبُتَ الْفِسْقَ وَيُطْلَقَ.
[(مسألة)]
: قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ وَادَّعَى شَاهِدًا قَرِيبًا فَالْقَوْلُ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْ قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَا وَصَفْتُ فِي الْوَقْفِ، وَالثَّانِي لَا يُمْنَعُ مِنْهُ سَيِّدُهُ وَيَحْلِفُ لَهُ ".
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا: أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي لِلْعِتْقِ شَاهِدًا عَلَى عِتْقِهِ، وَيَسْأَلُ أَنْ يُحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ عَلَى إِقَامَةِ الشَّاهِدِ الْآخَرِ، فَفِي إِجَابَتِهِ إِلَى ذَلِكَ قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ:
أَحَدُهُمَا: يُجَابُ إِلَى ذَلِكَ، لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْعَدَدِ كَبَيِّنَةِ الْعَدَالَةِ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُجَابُ إِلَيْهِ لِأَنَّه قَدْ أَتَى فِي كَمَالِ الْعَدَدِ بِمَا عَلَيْهِ، وَبَقِيَ مَا عَلَى الْحَاكِمِ مِنْ ظُهُورِ الْعَدَالَةِ، وَلَمْ يَأْتِ فِي نُقْصَانِ الْعَدَدِ بِمَا عَلَيْهِ فَلَمْ يُحْكَمْ لَهُ بِمَا سَأَلَ.
فَإِنْ قِيلَ: بِأَنَّهُ لَا يُجَابُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ الَّذِي أَقَامَهُ مَعْرُوفَ الْعَدَالَةِ أَوْ مَجْهُولَهَا، وَيَحْلِفُ السَّيِّدُ عَلَى إِنْكَارِ الْعِتْقِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ فِي يَدِهِ عَلَى الرِّقِّ.
وَإِنْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُجَابُ إِلَى الْإِحَالَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ لَمْ يَخْلُ حَالُ الشَّاهِدِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ الْعَدَالَةِ أَوْ مَجْهُولَهَا، فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفَ الْعَدَالَةِ، حِيلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ إلى مدة