للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يُعِينُ الْعَادِلُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ الْبَاغِيَتَيْنِ وَإِنِ اسْتَعَانَتْهُ عَلَى الْأُخْرَى حَتَّى تَرْجِعَ إِلَيْهِ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: إِذَا افْتَرَقَ أَهْلُ الْبَغْيِ طَائِفَتَيْنِ وَقَاتَلَتْ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ الْأُخْرَى.

فَإِنْ قَوِيَ الْإِمَامُ عَلَى قِتَالِهِمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعُونَةُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: إنَّ كِلَا الطَّائِفَتَيْنِ عَلَى خَطَأٍ، وَالْمَعُونَةُ عَلَى الْخَطَأِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ خَطَأٌ.

وَالثَّانِي: إنَّ مَعُونَةَ إِحْدَاهُمَا أَمَانٌ لَهَا، وَعَقْدُ الْأَمَانِ لَهَا غَيْرُ جَائِزٍ.

وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ قِتَالِهِمَا قَاتَلَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ مَعَ الْأُخْرَى، وَيَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُسْتَعِينٌ بِهِمْ، وَلَا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُعِينٌ لَهُمْ، وَلْيَضُمَّ إِلَيْهِ أَقَرَبَهُمَا إِلَى مُعْتَقَدِهِ، وَأَرْغَبَهُمَا فِي طَاعَتِهِ.

فَإِنِ اسْتَوَيَا ضَمَّ إِلَيْهِ أَقَلَّهُمَا جَمْعًا، فَإِنِ اسْتَوَيَا ضَمَّ إِلَيْهِ أَقْرَبَهُمَا دَارًا، فَإِنِ اسْتَوَيَا اجْتَهَدَ رَأْيَهُ فِي إِحْدَاهُمَا.

فَإِنْ أَطَاعَتْهُ الطَّائِفَةُ الَّتِي قَاتَلَهَا أَوِ انْهَزَمَتْ عَنْهُ، عَدَلَ إِلَى الْأُخْرَى، وَلَمْ يَبْدَأْ بِقِتَالِهَا إِلَّا بَعْدَ اسْتِدْعَائِهَا ثَانِيَةً إِلَى طَاعَتِهِ، لِأَنَّ انْضِمَامَهَا إِلَيْهِ كَالْأَمَانِ الَّذِي يَقْطَعُ حُكْمَ مَا تَقَدَّمَهُ مِنَ الِاسْتِدْعَاءِ وَالْحَيَاةِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَا يُرْمَوْنَ بِالْمَنْجَنِيقِ وَلَا نَارٍ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرُورَةً بِأَنْ يُحَاطَ بِهِمْ فَيَخَافُوا الِاصْطِلَامَ أَوْ يُرْمَوْنَ بِالْمَنْجَنِيقِ فَيَسَعُهُمْ ذَلِكَ دَفْعًا عَنْ أَنْفُسِهِمْ) .

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْصُودَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ كَفُّهُمْ عَنِ الْبَغْيِ، وَالْمَقْصُودَ بِقِتَالِ أَهْلِ الْحَرْبِ قَتْلُهُمْ عَلَى الشِّرْكِ، فَاخْتَلَفَ قِتَالُهُمَا لِاخْتِلَافِ مَقْصُودِهِمَا مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: فِي صِفَةِ الْحَرْبِ.

وَالثَّانِي: فِي حُكْمِهَا.

فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمَا فِي صِفَةِ الْحَرْبِ، فَمِنْ تِسْعَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: إنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكْبِسَ أَهْلَ الْحَرْبِ فِي دَارِهِمْ غِرَّةً وَبَيَاتًا، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بأهل البغي.

<<  <  ج: ص:  >  >>