للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ، وَبَعْضِ الْقَدِيمِ أَنَّ الشُّفْعَةَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعَمِّ وَالْأَخِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَمَّا تَسَاوَيَا فِي الِاشْتِرَاكِ وَجَبَ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَالْمُخْتَلِفَيِ الْأَسْبَابِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ مَا أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ أُخِذَتْ بِهِ الشُّفْعَةُ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْعَمَّ لَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ تَشَارَكَا فِي شُفْعَتِهِ فَاقْتَضَى أَنْ يُشَارِكَهُمَا فِي شُفْعَتِهِمَا.

فَصْلٌ

: فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ: فَإِنْ قِيلَ الْأَخُ أَحَقُّ بِهَا تَفَرَّدَ بِأَخْذِهَا دُونَ الْعَمِّ، فَإِنْ عَفَا الْأَخُ عَنْهُمَا احْتَمَلَ اسْتِحْقَاقُ الْعَمِّ لها وجهان:

أَحَدُهُمَا: لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا لِخُرُوجِهَا عَنِ اسْتِحْقَاقِهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَسْتَحِقُّهَا لِخَلْطَتِهِ وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْأَخُ عَلَيْهِ لِامْتِزَاجِ سَبَبِهِ.

وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهَا بَيْنَهُمَا فَقَدِ اخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كَيْفِيَّةِ اسْتِحْقَاقِهِمَا لَهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أحدهما: قاله في القديم: إنها بينهما نصفين بِالسَّوِيَّةِ وَبِهِ قَالَ أبو حنيفة لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا تُسْتَحَقُّ بِقَلِيلِ الْمِلْكَ كَمَا تُسْتَحَقُّ بِكَثِيرِهِ حتى لو ملكا أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ سَهْمًا مِنْ عَشَرَةِ أَسْهُمٍ أَخَذَ بِهِ شُفْعَةَ التِّسْعَةِ الْبَاقِيَةِ، وَلَوْ بِيعَ السَّهْمُ أَخَذَهُ صَاحِبُ التِّسْعَةِ الْبَاقِيَةِ فَاقْتَضَى أَنْ يَتَسَاوَى الشَّرِيكَانِ فِيهَا وَإِنْ تَفَاضَلَا فِي الْمَالِ اعْتِبَارًا بأعداد الرؤوس لَا بِقَدْرِ الْأَمْلَاكِ كَالْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ يَمْلِكُ أَحَدُهُمْ نِصْفَهُ وَالْآخِرُ ثُلُثَهُ وَالْآخِرُ سُدُسَهُ إِذَا أَعْتَقَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَالسُّدْسِ حُقُوقَهُمَا مَعًا قُوِّمَ الثُّلُثُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ وَعَتَقَ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ كانت الشُّفْعَةُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الشُّفْعَةِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِهَا، وَقَدْ يَسْتَضِرُّ صَاحِبُ الْأَقَلِّ كَاسْتِضْرَارِ صَاحِبِ الْأَكْثَرِ فَوَجَبَ أَنْ يُسَاوِيَ صَاحِبُ الْأَقَلِّ فِيهَا صَاحِبَ الْأَكْثَرِ، فَعَلَى هَذَا تَصِيرُ الدَّارُ بَيْنَهُمَا على ثمانية أسهم: خمسة منها للعم: منا أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ بِقَدِيمِ مِلْكِهِ وَسَهْمٌ لِشُفْعَتِهِ وَثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ لِلْأَخِ مِنْهَا سَهْمَانِ بِقَدِيمِ مِلْكِهِ وَسَهْمٌ لِشُفْعَتِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: قَالَهُ فِي الْجَدِيدِ وَهُوَ الصَّحِيحُ: إِنَّهَا بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ مَالَيْهِمَا اعْتِبَارًا بِالْأَمْلَاكِ لَا بِالْمُلَّاكِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ، لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ مَنَافِعَ الْمِلْكِ تَتَوَزَّعُ عَلَى قَدْرِهِ كَالْأَرْبَاحِ فِي التِّجَارَةِ وَالنِّتَاجِ فِي الْحَيَوَانِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الشُّفْعَةَ إِنَّمَا وَجَبَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بِهَا عَنِ الْمِلْكِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ بِحَقٍّ لَا بِظُلْمٍ مثل مؤونة الْمُقَاسَمَةِ، وَالْمُهَايَأَةِ، وَنُقْصَانِ الْقِيمَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، وَهَذَا يَقِلُّ وَيَكْثُرُ بِقِلَّةِ الْمِلْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>